للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وتضمنه كتابه هذا إليك، ومر الكتاب قبلك أن يحتذوا رسمه فيما يكتبون به إلى عمال نواحيك، ويخلدونه في الدواوين من ذكورهم ورفوعهم، ويعدونه من خروج الأموال وينظمونه في الدواوين والأعمال، ويثبتون عليه الجماعات والحسبانات، ويوغرون بكتبه من الروزنامجات، والبراءات وليكن المنسوب من ذلك إلى سنة خمسين وثلثمائة التي وقع النقل إليها، وأقم في نفوس من بحضرتك من أصناف الجند والرعية، وأهل الملة والذمة أن هذا النقل لا يغير لهم رسما، ولا يلحق بهم ثلما، ولا يعود على قابضي العطاء بنقصان ما استحقوا قبضه، ولا على مؤدّي حق بيت المال بإغضاء عما وجب أداؤه، فإنّ قرائح أكثرهم فقيرة إلى إفهام أمير المؤمنين الذي آثر أن تزاح فيه العلة، ويسدّ بهم سهم الخلة إذ كان هذا الشأن لا يتجدّد إلا في المدد الطوال التي في مثلها يحتاج إلى تعريف الناسي، وأجب بما يكون منك جوابا يحسن موقعه لك إن شاء الله تعالى.

وقال ابن المأمون في تاريخه: من حوادث سنة إحدى وخمسمائة، وأوّل ما تحدّث فيه نقل السنة الشمسية إلى العربية، وكان قد حصل بينهما تفاوت أربع سنين، فتحدّث القائد أبو عبد الله محمد بن فاتك البطائحيّ «١» مع الأفضل بن أمير الجيوش في ذلك، فأجاب إليه، وخرج أمره إلى الشيخ أبي القاسم بن الصيرفيّ بإنشاء سجل به.

فأنشأ ما نسخته: بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله الذي ارتضى أمير المؤمنين أمينه في أرضه وخليفته، وألهمه أن يعمّ بحسن التدبير عبيده وخليقته، ووفقه لمصالح يستمدّ أسبابها، ويفتح بحسن نظره أبوابها، وأورثه مقام آبائه الراشدين الذين اختصهم بشرف المفخر، وجعل اعتقاد موالاتهم سبب النجاة في المحشر، وعناهم بقوله: يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهاهُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ

، وأعلى منار سلطانه بمدبر أفلاكك دولته، ومبيد أعداء مملكته، وأشرف من نصب للجند علما وراية، ووقف على مصلحة البرية نظره ورأيه، وأرشد بهداتيه الألباب الحائرة، وأذهب بمعدلته الأحكام الجائرة السيد الأجل الأفضل، ونتمم النعوت بالدعاء للذي كمل تدبيره نظام الصلاح وتممه، وسدّد تقريره الأمور في كل ما قصده ويممه، ونبّه في السياسة على ما أهمله من سبقه، وأغفله من تقدّمه، وتتبع أحوال المملكة، فلم يدع مشكلا إلا أوضحه وبين الواجب فيه، ولا خللا إلا أصلحه، وبادر بتلافيه، ولا مهملا إلا استعمله على ما يوافق الصواب، ولا ينافيه إيثارا لعمارة الأعمال، وقصدا لما يقضي بتوفير الأموال.

وتوخيا لما عاد بضروب الاستغلال، واعتناء برجال الدولة العلوية وأجنادها، واهتماما

<<  <  ج: ص:  >  >>