للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بعضهم: بل وهبها لدحية «١» بن خليفة الكلبيّ.

وعن يزيد بن أبي حبيب عن عبد الرحمن بن شامة المهري عن عبد الله بن عمر قال:

دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم على أمّ إبراهيم أمّ ولده القبطية، فوجد عندها نسيبا لها كان قدم معها من مصر، وكان كثيرا ما يدخل عليها، فوقع في نفسه شيء فرجع، فلقيه عمر بن الخطاب رضي الله عنه، فعرف ذلك في وجهه، فسأله فأخبره، فأخذ عمر السيف، ثم دخل على مارية وقريبها عندها، فأهوى إليه بالسيف فلما رأى ذلك كشف عن نفسه، وكان مجبوبا ليس بين رجليه شيء. فلما رآه عمر رجع إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأخبره فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن جبريل أتاني فأخبرني أن الله عز وجل قد برّأها وقريبها وإن في بطنها غلاما مني وأنه أشبه الخلق بي وأمرني أن أسميه إبراهيم وكناني بأبي إبراهيم» .

وقال الزهري عن أنس: لما ولدت أمّ إبراهيم إبراهيم كأنه وقع في نفس النبيّ صلى الله عليه وسلم منه شيء حتى جاءه جبريل، فقال: السلام عليك يا أبا إبراهيم، ويقال: إن المقوقس بعث معها بخصيّ كان يأوي إليها، وقيل: إن المقوقس أهدى لرسول الله صلى الله عليه وسلم جواري منهنّ أمّ إبراهيم وواحدة وهبها رسول الله صلى الله عليه وسلم لأبي جهم بن حذيفة وواحدة وهبها لحسان بن ثابت فولدت مارية لرسول الله صلى الله عليه وسلم إبراهيم. وكان أحب الناس إليه حتى مات فوجد به وكان سنه يوم مات ستة عشر شهرا، وكانت البغلة والحمار أحب دوابه إليه وسمى البغلة الدلدل، وسمى الحمار يعفورا، وأعجبه العسل، فدعا في عسل بنها بالبركة، وبقيت تلك الثياب حتى كفن في بعضها صلى الله عليه وسلم، وكان اسم أخت مارية قيصر، وقيل: بل كان اسمها سيرين، وقيل: حمنة.

وكلم الحسن بن عليّ معاوية بن أبي سفيان في أن يضع الجزية عن جميع قرية أمّ إبراهيم لحرمتها ففعل، ووضع الخراج عنهم فلم يكن على أحد منهم خراج، وكان جميع أهل القرية من أهلها وأقربائها فانقطعوا. ويروى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: «لو بقي إبراهيم ما تركت قبطيا إلا وضعت عنه الجزية» ، وماتت مارية في محرّم سنة خمس عشرة بالمدينة.

وقال ابن وهب: أخبرني يحيى بن أيوب، وابن لهيعة عن عقيل عن الزهريّ عن يعقوب بن عبد الله بن المغيرة بن الأخفش عن ابن عمر: أن النبيّ صلى الله عليه وسلم قال: «دخل إبليس العراق فقضى حاجته منها، ثم دخل الشام فطردوه حتى دخل جبل شاق، ثم دخل مصر فباض فيها وفرّخ وبسط عبقريه» حديث صحيح غريب، وقد عاب بعضهم مصر فقال:

محاسنها مجلوبة إليها حتى العناصر الأربعة؛ الماء وهو في النيل مجلوب من الجنوب، والتراب مجلوب في حمل الماء، وإلا فهي رمل محض لا تنبت الزرع، والنار لا يوجد بها شجرها، والهواء لا يهب بها إلا من أحد البحرين، إما من الروميّ، وإما من القلزم، وقد

<<  <  ج: ص:  >  >>