الشرطة أيضا في العسكر، وقيل لها: الشرطة العليا، وإلى جانبها بنى أحمد بن طولون جامعه الموجود الآن، وسمي من حينئذ ذلك الفضاء بالعسكر، وصار أمراء مصر إذا ولوا ينزلون به من بعد أبي عون، فقال الناس من يومئذ: كنا بالعسكر، وخرجنا إلى العسكر، وكتب من العسكر، وصار مدينة ذات محال، وأسواق ودور عظيمة، وفيه بنى أحمد بن طولون مارستانه «١» ، فأنفق عليه، وعلى مستغله ستين ألف دينار، وكان بالقرب من بركة قارون التي صارت كيمانا، وبعضها بركة على يسرة من سار من حدرة ابن قميحة يريد قنطرة السدّ، وعلى بركة قارون هذه كانت جنان بني مسكين، وبني كافور الإخشيدي دارا أنفق عليها مائة ألف دينار، وسكنها في رجب سنة ست وأربعين وثلثمائة، وانتقل منها بعد أيام عليها مائة ألف دينار، وسكنها في رجب سنة ست وأربعين وثلثمائة، وانتقل منها بعد أيام لوباء وقع في غلمانه من بخار البركة، وعظمت العمارة في العسكر جدّا إلى أن قدم أحمد بن طولون من العراق إلى مصر، فنزل بدار الإمارة من العسكر، وكان لها باب إلى جامع العسكر، وينزلها الأمراء منذ بناها صالح بن عليّ بعد قتله مروان، وما زال بها أحمد بن طولون إلى أن بنى القصر، والميدان بالقطائع، فتحوّل من العسكر، وسكن قصره بالقطائع، فلما ولي أبو الجيش خمارويه بن أحمد بن طولون بعد أبيه، جعل دار الإمارة ديوان الخراج، ثم فرّقت حجرا بعد دخول محمد بن سليمان الكاتب إلى مصر، وزوال دولة بني طولون، فسكن محمد بن سليمان بدار الإمارة في العسكر عند المصلى القديم، وكان المصلى القديم حيث الكوم المطلّ الآن على قبر القاضي بكار، وما زالت الأمراء تنزل بالعسكر إلى أن قدم القائد جوهر «٢» من المغرب، وبنى القاهرة المعزية، ولما بنى أحمد بن طولون القطائع اتصلت مبانيها بالعسكر، وبنى جامعه على جبل يشكر، فعمرها هنا لك عمارة عظيمة تخرج عن الحدّ في الكثرة، وقدم جوهر القائد بعساكر مولاه المعز لدين الله في سنة ثمان وخمسين وثلثمائة، والعسكر عامر إلّا أنه منذ بنيت القطائع هجر اسم العسكر، وصار يقال: مدينة الفسطاط والقطائع، وربما قيل: والعسكر أحيانا، فلما خرّب محمد بن سليمان قصر ابن طولون، وميدانه بقي في القطائع مساكن جليلة حيث كان العسكر، وأنزل المعز لدين الله عمه أبا عليّ في دار الإمارة، فلم يزل أهله بها إلى أن خربت القطائع في الشدّة العظمى التي كانت في خلافة المستنصر أعوام بضع وخمسين وأربعمائة، فيقال: إنه كان هناك زيادة على مائة ألف دار سوى البساتين، وما هذا ببعيد، فإنّ ذلك كان ما بين سفح الشرف الذي عليه الآن قلعة الجبل، وبين ساحل مصر القديم حيث الآن الكبارة خارج مصر، وما على سمتها إلى كوم الجارح، ومن كوم الجارح إلى جامع ابن طولون، وخط