فقام بعده ابنه: أبو الجيش خمارويه بن أحمد بن طولون، وبايعه الجند يوم الأحد لعشر خلون من ذي القعدة، فأمر بقتل أخيه العباس لامتناعه من مبايعته، وعقد لأبي عبد الله أحمد الواسطيّ، على جيش إلى الشام لست خلون من ذي الحجة، وعقد لسعد الأعسر على جيش آخر، وبعث بمراكب في البحر لتقيم على السواحل الشامية، فنزل الواسطيّ فلسطين، وهو خائف من خمارويه أن يوقع به، لأنه كان أشار عليه بقتل أخيه العباس، فكتب إلى أبي أحمد الموفق: يصغر أمر خمارويه، ويحرّضه على المسير إليه، فأقبل من بغداد، وانضمّ إليه إسحاق بن كنداح، ومحمد بن أبي الساج، ونزل الرقة، فتسلم قنسرين «٢» والعواصم وسار إلى شيرز «٣» ، فقاتل أصحاب خمارويه، وهزمهم ودخل دمشق، فخرج خمارويه في جيش عظيم لعشر خلون من صفر سنة إحدى وسبعين، فالتقى مع أحمد بن الموفق بنهر أبي بطرس المعروف بالطواحين من أرض فلسطين، فاقتتلا فانهزم أصحاب خمارويه، وكان في سبعين ألفا، وابن الموفق في نحو أربعة آلاف، واحتوى على عسكر خمارويه بما فيه، ومضى خمارويه إلى الفسطاط، وأقبل كمين له عليه: سعد الأعسر، ولم يعلم بهزيمة خمارويه، فحارب ابن الموفق، حتى أزاله عن المعسكر، وهزمه اثني عشر ميلا ومضى إلى دمشق، فلم يفتح له، ودخل خمارويه إلى الفسطاط لثلاث خلون من ربيع الأوّل، وسار سعد الأعسر والواسطيّ، فملكا دمشق، وخرج خمارويه من مصر لسبع بقين من رمضان، فوصل إلى فلسطين، ثم عاد لاثنتي عشرة بقيت من شوّال، ثم خرج في ذي القعدة سنة اثنتين وسبعين، فقتل سعدا الأعسر، ودخل دمشق لسبع خلون من المحرّم سنة ثلاث وسبعين، وسار لقتال ابن كنداح، فكانت على خمارويه، فانهزم أصحابه، وثبت هو في طائفة، فهزم ابن كنداح، وأتبعه حتى بلغ أصحابه سرّ من رأى، ثم اصطلحا وتظاهرا، وأقبل إلى خمارويه، فأقام في عسكره، ودعا له في أعماله التي بيده، وكاتب خمارويه أبا أحمد الموفق في الصلح، فأجابه إلى ذلك، وكتب له بذلك كتابا، فورد عليه به: فالق الخادم إلى مصر في رجب ذكر فيه: أنّ المعتمد والموفق وابنه كتبوه بأيديهم، وبولاية خمارويه وولده ثلاثين سنة على مصر والشامات، ثم قدم خمارويه سلخ رجب،