للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقام من بعده ابنه: الظاهر لإعزاز دين الله أبو الحسين عليّ بن الحاكم، بأمر الله، ولد بالقاهرة يوم الأربعاء، لعشر خلون من رمضان سنة خمس وتسعين وثلثمائة، وبويع له بالخلافة يوم عيد النحر، سنة إحدى عشرة وأربعمائة، وعمره ست عشرة سنة، فخرج إلى صلاة العيد، وعلى رأسه المظلة، وحوله العساكر، وصلى بالناس في المصلى، وعاد فكتب بخلافته إلى الأعمال، وشرب الخمر ورخص فيه للناس، وفي سماع الغناء، وشرب الفقاع، وأكل الملوخيا وجميع الأسماك، فأقبل الناس على اللهو، ووزر له الخطير رئيس الرؤساء أبو الحسن عمار «١» بن محمد، وكان يلي ديوان الإنشاء وغيره، واستوزره بعده بدر الدولة أبا الفتوح موسى بن الحسين، وكان يتولى الشرطة، ثم ولي ديوان الإنشاء بعد ابن حيران، وصرف عن الوزارة في المحرّم سنة ثلاث عشرة، وقبض عليه في شوّال، وقتل فوجد له من العين ستمائة ألف دينار وعشرون ألف دينار، وولي بعده الأزارة الأمير شمس الملوك المكين مسعود بن طاهر.

وفي سنة أربع عشرة قلد منتخب الدولة الدريزي متولي قيساورية ولاية فلسطين، فكانت له مع حسان بن مفرح بن جراح الطائيّ حروب، وفيها نزع السعر بمصر، وتعذر وجود الخبز، وفي المحرّم سنة خمس عشرة لقب الخادم الأسود معضاد «٢» ، بالقائد عز الدولة وسنائها أبي الفوارس معضاد الظاهر، وخلع عليه، وثار رجل من بني الحسين ببلاد الصعيد، فقبض عليه، وأقرّ أنه قتل الحاكم بأمر الله، ووجد معه قطعة من جلد رأسه، وقطعة من الفوطة التي كانت عليه، فسئل عن سبب قتله إياه؟ فقال: غرت لله وللإسلام، ثم قتل نفسه بسكين كانت معه، فقطعت رأسه، وسيرت إلى القاهرة، وفيها اشتدّ الغلاء بمصر، وكثر نقص النيل.

وفيها قرّر الشريف الكبير العجميّ، والشيخ نجيب الدولة الجرجراي «٣» ، والشيخ العميد محسن بن بدوس، مع القائد معضاد أن لا يدخل على الظاهر أحد غيرهم، وكانوا يدخلون كل يوم خلوة ويخرجون، فيتصرّفون في سائر أمور الدولة، والظاهر مشغول بلذاته، وصار شمس الملوك مظفر صاحب المظلمة، وابن حيران صاحب الإنشاء، وداعي

<<  <  ج: ص:  >  >>