للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فسيرت إليه الأموال والخلع.

وفي سنة ثمان وأربعين عادت حلب إلى مملكة المستنصر.

وفي سنة خمسين قبض على الوزير الناصر للدين أبي محمد البازوريّ، وتقلد بعده الوزارة أبو الفرج محمد بن جعفر المغربي بن عبد الله بن محمد، وولي القضاء بعد البازوريّ أبو عليّ أحمد بن عبد الحكم، ثم صرف بعبد الحاكم المليحيّ، وفيها أخذ البساسيري بغداد، وأقام فيها الخطبة للمستنصر، وفرّ الخليفة القائم بأمر الله العباسيّ إلى قريش «١» بن بدران، فبعث به إلى غانة، وسيرت ثياب القائم، وعمامته وغير ذلك من الأموال إلى مصر، وفيها سار ناصر الدولة إلى دمشق أميرا عليها.

وفي سنة إحدى وخمسين أقيمت دعوة المستنصر بالبصرة وواسط وجميع تلك الأعمال، فقدم طغريل إلى بغداد، وأعاد الخليفة القائم بعد ما خطب للمستنصر ببغداد أربعون خطبة، وقتل البساسيريّ، وفيها قطعت خطبة المستنصر أيضا من حلب، فسار إليها ابن حمدان، وحارب أهلها، فانكسر كسرة شديدة شنيعة، وعاد إلى دمشق، وفيها صرف أبو الفرج بن المغربيّ عن الوزارة، وعبد الحاكم عن القضاء، وأعيد إلى الوزارة أبو الفرج البابليّ، واستقرّ في وظيفة القضاء أحمد بن أبي زكري.

وفي سنة ثلاث وخمسين كثر صرف الوزراء والقضاة، وولايتهم لكثرة مخالطة الرعاع للخليفة، وتقدّم الأراذل بحيث كان يصل إليه في كل يوم ثمانمائة رقعة فيها المرافعات والسعايات، فاشتبهت عليه الأمور، وتناقضت الأحوال، ووقع الاختلاف بين عبيد الدولة، وضعفت قوى الوزراء عن التدبير لقصر مدّة كل منهم، وخربت الأعمال، وقلّ ارتفاعها، وتغلب الرجال على معظمها مع كثرة النفقات والاستخفاف بالأمور، وطغيان الأكابر إلى أن آل الأمر إلى حدوث الشدّة العظمى، كما قد ذكر في موضعه من هذا الكتاب، وكان من قدوم أمير الجيوش بدر الجماليّ «٢» في سنة ست وستين وأربعمائة، وقيامه بسلطنة مصر ما ذكر في ترجمته عند ذكر أبواب القاهرة، فلم يزل المستنصر مدّة أمير الجيوش ملجما عن التصرّف إلى أن مات في سنة سبع وثمانين، فأقام العسكر من بعده في الوزارة ابنه الأفضل شاهنشاه، فباشر الأمور يسيرا، ومات المستنصر ليلة الخميس لليلتين بقيتا من ذي الحجة سنة سبع وثمانين عن سبع، وستين سنة وخمسة أشهر منها في الخلافة ستون سنة، وأربعة

<<  <  ج: ص:  >  >>