وقال إبراهيم بن القاسم الكاتب الملقب بالرشيق يتشوّق إلى مصر، وقد خرج عنها في سنة ست وثمانين وثلثمائة من قصيدة:
هل الريح إن سارت مشرّقة تسري ... تؤدّي تحياتي إلى ساكني مصر
فما خطرت إلّا بكيت صبابة ... وحملتها ما ضاق عن حمله صدري
لأني إذا هبت قبولا بنشرهم ... شممت نسيم المسك من ذلك النشر
فكم لي بالأهرام أو دير نهية ... مصايد غزلان المطايد والقفر
إلى جيزة الدنيا وما قد تضمنت ... جزيرتها ذات المواخر والجسر
وبالمقس والبستان للعين منظر ... أنيق إلى شاطىء الخليج إلى القصر
وفي بئر دوس مستراد وملعب ... إلى دير محنا إلى ساحل البحر
فكم بين بستان الأمير وقصره ... إلى البركة النضراء من زهر نضر
تراها كمرآة بدت في رفارف ... من السندس الموشى تنشر للتجر «١»
وكم ليلة بالقرافة خلتها ... لما نلت من لذاتها ليلة القدر
وقال أحمد بن رستم بن إسفهسلار الديلميّ: يخاطب الوزير نجم الدين أبا يوسف بن الحسين المجاور، وتوفي في رابع عشر ذي الحجة سنة إحدى وعشرين وستمائة:
حيّ الديار بشاطئي مقياسها ... فالمقسم الفياح بين دهاسها «٢»
فالروضتين وقد تضوّع عرفها ... أرج البنفسج في غضارة أسها
فمنازل العين المنيفة أصبحت ... يغني سناها عن سنا نبراسها
فخليجها لذاته مطلوبة ... تسمو محاسنه علا بأناسها
حافاته محفوفة بمنازل ... نزلت بها الآرام دون كناسها
وقال العلامة جلال الدين محمد الشيرازيّ المعروف بإمام منكلي بغا:
حيّا الحيا مصرا وسكانها ... وباكر الوسميّ «٣» كثبانها
وجاد صوب المزن من أرضها ... معاهد الأنس وأوطانها
معاهد بالأنس معمورة ... لم أنس مهما عشت إحسانها
كم أيقظتني في ذرا دوحها ... عجماء لا تفقه ألحانها
وكم نعيم قد تخيلته ... فيها وكم غازلت غزلانها
وعاينت عيني بها أغيدا ... منعس المقلة وسنانها