وذكر الجهانيّ: أنه صار إليه من وثق به ورفع الباطية عن الثور وأفرغ الزيت من الباطية والثور جميعا وأطفأ النار وأعادها جميعا إلا الزيت فإنه صبّ زيتا من عنده وأبدله فتيلة أخرى وأشعلها، فما لبث الزيت أن فاض إلى الباطية الزجاج ثم فاض إلى الثور الرخام من غير مدد ولا عنصر.
وذكر الجهانيّ: أنه إذا أخرج الميت من تحت السرير انطفأت النار، ولم يفض الزيت.
وذكر عن أهل القرية: أن المرأة المتوهمة في نفسها حملا تحمل ذلك الصبيّ، وتضعه في حجرها فيتحرّك ولدها في البطن إن كان الحمل حقيقة، أو تيأس إن لم تحس بحركة.
قال المؤلف رحمه الله: أخبرني داود بن رزق الله بن عبد الله وكانت له سياحات كثيرة بأراضي مصر ومعرفة أحوالها أنه عبر في مغارة كبيرة يقال لها: مغارة شقلقيل بالوجه القبلي فإذا فيها كوم عظيم من سندروس وأنه تخطاه ومضى فإذا شيء كثير إلى الغاية من السمك، وجميعها ملفوفة بثياب كأنها قد كفنت بعد الموت، وأنه أخذ منها سمكة وفتشها فإذا في فمها دينار عليه كتابة لا يحسن قراءتها. وأنه صار يأخذها سمكة سمكة، ويخرج من فم كل واحدة دينارا حتى اجتمع له من ذلك عدّة دنانير. وأنه أخذ تلك الدنانير ورجع ليخرج حتى جاء إلى الكوم السندروس، وإذا به ارتفع حتى سدّ عليه الموضع، فعاد إلى السمك، وأعاد الدنانير إلى مواضعها، وخرج فإذا السندروس كما كان أوّلا بحيث يتجاوزه، ويخرج. فعاد وأخذ الدنانير، ومشى يخرج بها فإذا السندروس قد ارتفع حتى سدّ عليه الموضع. فعاد إلى السمك، وأعاد الدنانير إلى موضعها، وخرج فإذا السندروس على حاله كما كان أوّلا بحيث يتجاوزه ويخرج. وأنه كرّر أخذ الدنانير، وإعادتها مرارا.
والحال على ما ذكر حتى خشي الهلاك، فتركها وخرج. فلما كان مدّة سكن موضعها، فرأى حجلا في جدار، وقد قوّر، ووضع حجر آخر فحاول الحجر الآخر حتى رفعه فإذا تحته ستة دنانير من تلك الدنانير التي وجدها في أفواه السمك، فأخذ منها واحدا وترك البقية في موضعها، وأعاد الحجر على الحجر، وقدّر الله بعد ذلك أنه ركب النيل ليعدّي من البرّ الشرقيّ إلى البرّ الغربيّ.
قال: فلما توسط البحر وإذا بالأسماك تثب من الماء، وتلقي أنفسها في المركب حتى كدنا نغرق من كثرتها، فصاح الركاب خوفا من الهلاك قال: فتذكرت الدينار الذي معي، وأنّ هذا ربما كان بسببه فأخرجته من جيبي وألقيته في الماء فتواثبت الأسماك من المركب، وألقت نفسها في الماء حتى لم يبق منها شيء.