للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الأمّة المقتدى بهم، وأوّل ما عرف في الإسلام بالعراق أيام معز الدولة عليّ بن بويه، فإنه أحدثه في سنة اثنتين وخمسين وثلثمائة، فاتخذه الشيعة من حينئذ عيدا، وأصلهم فيه، ما خرّجه الإمام أحمد في مسنده الكبير من حديث البراء بن عازب رضي الله عنه قال: كنا مع رسول الله صلّى الله عليه وسلّم في سفر لنا، فنزلنا بغدير خم، ونودي الصلاة جامعة وكسح لرسول الله صلّى الله عليه وسلّم تحت شجرتين، فصلى الظهر، وأخذ بيد عليّ بن أبي طالب رضي الله عنه، فقال: «ألستم أني أولى بالمؤمنين من أنفسهم؟ قالوا: بلى، قال: ألستم تعلمون أني أولى بكل مؤمن من نفسه؟ قالوا: بلى، فقال: من كنت مولاه فعليّ مولاه اللهم وال من والاه وعاد من عاداه» .

قال: فلقيه عمر بن الخطاب رضي الله عنه، فقال: هنيئا لك يا ابن أبي طالب أصبحت مولى كل مؤمن ومؤمنة.

وغدير خم: على ثلاثة أميال من الجحفة يسرة الطريق، وتصب فيه عين، وحوله شجر كثير، ومن سنتهم في هذا العيد، هو أبدا يوم الثامن عشر من ذي الحجة أن يحيوا ليلته بالصلاة، ويصلوا في صبيحته ركعتين قبل الزوال، ويلبسوا فيه الجديد، ويعتقوا الرقاب، ويكثروا من عمل البرّ، ومن الذبائح، ولما عمل الشيعة هذا العيد بالعراق أرادت عوامّ السنية مضاهاة فعلهم، ونكايتهم، فاتخذوا في سنة تسع وثمانين وثلثمائة بعد عيد الغدير بثمانية أيام عيدا، أكثروا فيه من السرور واللهو، وقالوا: هذا يوم دخول رسول الله صلّى الله عليه وسلّم الغار هو وأبو بكر الصدّيق رضي الله عنه، وبالغوا في هذا اليوم في إظهار الزينة، ونصب القباب، وإيقاد النيران، ولهم في ذلك أعمال مذكورة في أخبار بغداد ... وقال ابن زولاق: وفي يوم ثمانية عشر من ذي الحجة سنة اثنتين وستين وثلثمائة، وهو يوم الغدير: تجمع خلق من أهل مصر والمغاربة، ومن تبعهم للدعاء لأنه يوم عيد، لأنّ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم عهد إلى أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب فيه، واستخلفه، فأعجب المعز ذلك من فعلهم، وكان هذا أوّل ما عمل بمصر.

قال المسبحيّ، وفي يوم الغدير، وهو ثامن عشر ذي الحجة اجتمع الناس بجامع القاهرة والقرّاء والفقهاء، والمنشدون، فكان جمعا عظيما أقاموا إلى الظهر، ثم خرجوا إلى القصر، فخرجت إليهم الجائزة، وذكر أن الحاكم بأمر الله، كان قد منع من عمل عيد الغدير، قال ابن الطوير: إذا كان العشر الأوسط من ذي الحجة اهتمّ الأمراء، والأجناد بركوب عيد الغدير، وهو في الثامن عشر منه، وفيه خطبة وركوب الخليفة بغير مظلمة، ولا

<<  <  ج: ص:  >  >>