وعرفته دهماء العامّة، ولكنه صعب مستصعب، وأمر مستقبل، وعلم خفيّ غامض ستره الله في حجبه، وعظم شأنه عن ابتذال أسراره، فهو سرّ الله المكتوم، وأمره المستور الذي لا يطيق حمله، ولا ينهض بأعبائه، وثقله إلّا ملك مقرّب، أو نبيّ مرسل، أو عبد مؤمن امتحن الله قلبه للتقوى، فإذا ارتبط المدعوّ على الداعي، وأنس له، نقله إلى غير ذلك.
فمن مسائلهم ما معنى: رمي الجمار؟ والعدو بين الصفا والمروة؟ ولم كانت الحائض تقضي الصوم، ولا تقضي الصلاة؟ وما بال الجنب يغتسل من ماء دافق يسير؟ ولا يغتسل من البول النجس الكثير القذر؟ وما بال الله خلق الدنيا في ستة أيام؟ أعجز عن خلقها في ساعة واحدة؟ وما معنى الصراط المضروب في القرآن مثلا؟ والكاتبين الحافظين وما لنا لا نراهما؟
أخاف أن نكابره، ونجاحده حتى أدلى العيون، وأقام علينا الشهود، وقيد ذلك في القرطاس بالكتابة، وما تبديل الأرض غير الأرض؟ وما عذاب جهنم؟ وكيف يصح تبديل جلد مذنب بجلد لم يذنب حتى يعذب؟ وما معنى: ويحمل عرش ربك فوقهم يومئذ ثمانية؟ وما إبليس؟
وما الشياطين؟ وما وصفوا به وأين مستقرّهم؟ وما مقدار قدرهم؟ وما يأجوج ومأجوج وهاروت وماروت وأين مستقرّهم؟ وما سبعة أبواب النار؟ وما ثمانية أبواب الجنة؟ وما شجرة الزقوم النابتة في الجحيم؟ وما دابة الأرض ورؤس الشياطين؟ والشجرة الملعونة في القرآن؟ والتين والزيتون؟ وما الخنس الكنس؟ وما معنى ألم والمص؟ وما معنى كهيعص وحمعسق، ولم جعلت السماوات سبعا والأرضون سبعا، والمثاني من القرآن سبع آيات، ولم فجرت العيون اثنتي عشرة عينا، ولم جعلت الشهور اثني عشر شهرا، وما يعمل معكم عمل الكتاب والسنة، ومعاني الفرائض اللازمة؟ فكروا أوّلا في أنفسكم أين أرواحكم؟
وكيف صورها؟ وأن مستقرّها؟ وما أوّل أمرها والإنسان ما هو؟ وما حقيقته؟ وما الفرق بين حياته وحياة البهائم؟ وفضل ما بين حياة البهائم وحياة الحشرات؟ وما الذي بانت به حياة الحشرات من حياة النبات؟ وما معنى قول رسول الله صلّى الله عليه وسلّم:«خلقت حوّاء من ضلع آدم» ؟ وما معنى قول الفلاسفة: الإنسان عالم صغير والعالم إنسان كبير؟ ولم كانت قامة الإنسان منتصبة دون غيره من الحيوانات؟ ولم كان في يديه من الأصابع عشر، وفي رجليه عشر أصابع؟ وفي كل أصبع من أصابع يديه ثلاثة شقوق إلا الإبهام، فإنّ فيه شقين فقط؟ ولم كان في وجهه سبع ثقب؟ وفي سائر بدنه ثقبان؟ ولم كان في ظهره اثنتا عشرة عقدة وفي عنقه سبع عقد؟
ولم جعل عنقه صورة ميم، ويداه: حاء، وبطنه: ميما، ورجلاه: دالا حتى صار ذلك كتابا مرسوما يترجم عن محمد، ولم جعلت قامته إذا انتصب صورة ألف، وإذا ركع صارت صورة: لام، وإذا سجد صارت صورة هاء، فكان كتابا يدل على الله، ولم جعلت أعداد عظام الإنسان كذا؟ وأعداد أسنانه كذا؟ والأعضاء الرئيسة كذا إلى غير ذلك من التشريح، والقول في العروق والأعضاء، ووجوه منافع الحيوان، ثم يقول الداعي: ألا تتفكرون في حالكم، وتعتبرون وتعلمون أنّ الذي خلقكم حكيم غير مجازف، وأنه فعل جميع ذلك