للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(فمن أخبارها) ما ذكره يحيى بن بكير قال: كان عبد العزيز بن مروان، عاملا على مصر لأخيه عبد الملك بن مروان، فأتاه رجل متنصح فسأله عن نصحه فقال: بالقبة الفلانية كنز عظيم. قال عبد العزيز: وما مصداق ذلك. قال: هو أن يظهر لنا بلاط من المرمر والرخام عند يسير من الحفر. ثم ينتهي بنا الحفر إلى باب من الصفر تحته عمود من الذهب على أعلاه ديك عيناه ياقوتتان تساويان ملك الدنيا، وجناحاه مضرجان بالياقوت، والزمرد «١» ورأسه على صفائح من الذهب على أعلى ذلك العمود، فأمر له عبد العزيز بنفقة لأجرة من يحفر من الرجال في ذلك ويعمل فيه. وكان هناك تل عظيم، فاحتفروا حفيرة عظيمة في الأرض، والدلائل المقدّم ذكرها من الرخام والمرمر تظهر فازداد عبد العزيز حرصا على ذلك، وأوسع في النفقة وأكثر من الرجالة، ثم انتهوا في حفرهم إلى ظهور رأس الديك، فبرق عند ظهوره لمعان عظيم. لما في عينيه من الياقوت، ثم بان جناحاه، ثم بانت قوائمه، وظهر حول العمود عمود من البنيان بأنواع الحجارة، والرخام وقناطر مقنطرة، وطاقات على أبواب معقودة، ولاحت منها تماثيل، وصور أشخاص من أنواع الصور الذهب وأجرنة من الأحجار قد أطبق عليها أغطيتها، وسبكت.

فركب عبد العزيز بن مروان، حتى أشرف على الموضع، فنظر إلى ما ظهر من ذلك فأسرع بعضهم، ووضع قدمه على درجة من نحاس ينتهي إلى ما هناك، فلما استقرّت قدماه على المرقاة ظهر سيفان عاديان عن يمين الدرجة، وشمالها فالتقيا على الرجل فلم يدرك حتى جزآه قطعا وهوى جسمه سفلا. فلما استقرّ جسمه على بعض الدرج اهتز العمود، وصفر الديك صفيرا عجيبا أسمع من كان بالبعد من هناك، وحرّك جناحيه، وظهرت من تحته أصوات عجيبة، قد عملت بالكواكب والحركات إذا مال وقع على بعض تلك الدرج شيء أو ماسها شيء انقلبت فتهاوى من هناك من الرجال إلى أسفل تلك الحفرة، وكان فيها ممن يحفر ويعمل وينقل التراب، وينظر ويحوّل ويأمر وينهي نحو ألف رجل. فهلكوا جميعا، فخرج عبد العزيز وقال: هذا ردم عجيب الأمر ممنوع النيل نعوذ بالله منه وأمر جماعة من الناس فطرحوا ما أخرج من هناك من التراب على من هلك من الناس. فكان الموضع قبرا لهم.

قال المسعودي: وقد كان جماعة من أهل الدفائن والمطالب ومن قد اعتنى وأغرى بحفر الحفائر، وطلب الكنوز وذخائر الملوك والأمم السالفة المستودعة بطن الأرض ببلاد مصر، قد وقع إليهم كتاب ببعض الأقلام السالفة فيه وصف موضع ببلاد مصر على أذرع يسيرة من بعض الأهرام بأن فيه مطلبا عجيبا، فأخبروا الإخشيد محمد بن طفج «٢» بذلك

<<  <  ج: ص:  >  >>