ولما كانت سنة سبعمائة: أخذ الأمير شمس الدين قرا سنقر المنصوري نائب السلطنة في أيام الملك المنصور حسام الدين لاجين: قطعة من دار الوزارة، فبنى بها الربع المقابل خانقاه سعيد السعداء، ثم بنى المدرسة المعروفة: بالقراسنقرية، ومكتب الأيتام، فلما كانت دولة البرجية بنى الأمير ركن الدين بيبرس الجاشنكير: الخانقاه الركنية، والرباط بجانبها من جملة دار الوزارة، وذلك في سنة تسع وسبعمائة، ثم استولى الناس على ما بقي من دار الوزارة، وبنوا فيها، فمن حقوقها الربع تجاه الخانقاه الصلاحية دار سعيد السعداء، والمدرسة القراسنقرية، وخانقاه ركن الدين بيبرس، وما بجوارها من دار قزمان ودار الأمير شمس الدين سنقر الأعسر الوزير، المعروفة: بدار خوند طولوباي الناصرية، جهة الملك الناصر حسن بن محمد بن قلاون، وحمام الأعسر التي بجانبها، والحمام المجاور لها، وما وراء هذه الأماكن من الآدر وغيرها. وهي الفرن والطاحون التي قبليّ المدرسة القراسنقرية، ومن الآدر والخربة التي قبليّ ربع قراسنقر، وما جاور باب سرّ المدرسة القراسنقرية من الآدر، وخربة أخرى هناك، والدار الكبرى المعروفة بدار الأمير سيف الدين برلغي الصغير صهر الملكك المظفر بيبرس الجاشنكير المعروفة اليوم: بدار الغزاوي، وفيها السرداب الذي كان رزيك بن الصالح رزيك فتحه في أيام وزارته من دار الوزارة إلى سعيد السعداء، وهو باق إلى الآن في صدر قاعتها، وذكر أنّ فيه حية عظيمة، ومن حقوق دار الوزارة المناخ المجاور لهذه القاعة، وكان على دار الوزارة: سور مبنيّ بالحجارة وقد بقي الآن منه قطعة في حدّ دار الوزارة الغربيّ، وفي حدّها القبليّ، وهو الجدار الذي فيه باب الطاحون والساقية تجاه باب سعيد السعداء من الزقاق الذي يعرف اليوم: بخرائب تتر، ومنه قطعة في حدّها الشرقيّ عند باب الحمام، والمستوقد بباب الجوّانية، وكان بدار الوزارة هذا الشباك الكبير المعمول من الحديد في القبة التي دفن تحتها بيبرس الجاشنكير من خانقاهه، وهو الشباك الذي يقرأ فيه القرّاء، وكان موضوعا في دار الخلافة ببغداد يجلس فيه الخلفاء من بني العباس.
فلما استولى الأمير أبو الحرث البساسيري «١» على بغداد، وخطب فيها للخليفة المستنصر بالله الفاطميّ أربعين جمعة، وانتهب قصر الخلافة، وصار الخليفة القائم بأمر الله العباسيّ إلى عانة، وسير البساسيريّ الأموال، والتحف من بغداد إلى المستنصر بالله بمصر في سنة سبع وأربعين وأربعمائة: كان من جملة ما بعث به منديل الخليفة القائم بأمر الله الذي عممه بيده في قالب من رخام، قد وضع فيه كما هو حتى لا تتغير شدّته، ومع هذا المنديل رداءه، والشباك الذي كان يجلس فيه، ويتكئ عليه، فاحتفظ بذلك إلى أن عمرت دار الوزارة على يد الأفضل بن أمير الجيوش، فجعل هذا الشباك بها، يجلس فيه الوزير،