للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

السيوف من الأجناد وأرباب الأقلام، وكان آخرهم الوزير: ابن المغربيّ الذي قدم عليه أمير الجيوش بدر الجماليّ من عكا، ووزر للمستنصر: وزير سيف، ولم يتقدّمه في ذلك أحد، انتهى.

وترتيب وزارته بأن تكون وزارته وزارة صاحب سيف بأن تكون الأمور كلها مردودة إليه، ومنه إلى الخليفة، دون سائر خدمه، فعقد له هذا العقد، وأنشئ له السجل، ونعت بالسيد الأجل أمير الجيوش، وهو النعت الذي كان لصاحب ولاية دمشق وأضيف إليه: كافل قضاة المسلمين وهادي دعاة المؤمنين، وجعل القاضي والداعي نائبين عنه، ومقلدين من قبله.

وكتب له في سجله، وقد قلدك أمير المؤمنين: جميع جوامع تدبيره، وناط بك النظر في كل ما وراء سريره، فباشر ما قلدك أمير المؤمنين من ذلك مدبرا للبلاد، ومصلحا للفساد، ومدمرا أهل العناد، وخلع عليه بالعقد المنظوم بالجوهر مكان الطوق، وزيد له الحنك مع الذؤابة المرخاة، والطيلسان المقوزريّ قاضي القضاة، وذلك في سنة سبع وستين وأربعمائة، فصارت الوزارة من حينئذ وزارة تفويض، ويقال لمتوليها: أمير الجيوش، وبطل اسم الوزارة، فلما قام شاهنشاه بن أمير الجيوش من بعد أبيه، ومات الخليفة المستنصر، ولقبه بالمستعلي، صار يقال له: الأفضل ومن بعده صار من يتولى هذه الرتبة يتلقب به أيضا.

وأوّل من لقب بالملك منهم مضافا إلى بقية الألقاب: رضوان بن ولخشي، عندما وزر للحافظ لدين الله، فقيل له: السيد الأجل الملك الأفضل، وذلك في سنة ثلاثين وخمسمائة، وفعل ذلك من بعده، فتلقب طلائع بن رزيك: بالملك المنصور، وتلقب ابنه رزيك بن طلائع: بالملك العادل وتلقب شاور بالملك المنصور، وتلقب آخرهم: صلاح الدين يوسف بن أيوب بالملك الناصر، وصار وزير السيف من عهد أمير الجيوش بدر إلى آخر الدولة، هو سلطان مصر، وصاحب الحل والعقد، وإليه الحكم في الكافة من الأمراء والأجناد، والقضاة، والكتاب، وسائر الرعية، وهو الذي يولي أرباب المناصب الديوانية، والدينية، وصار حال الخليفة معه كما هو حال ملوك مصر من الأتراك إذا كان السلطان صغيرا والقائم بأمره من الأمراء، وهو الذي يتولى تدبير الأمور، كما كان الأمير يلبغا الخاصكيّ مع الأشرف شعبان، وكما أدركنا الأمير برقوق قبل سلطنته مع ولدي الأشرف، وكما كان الأمير أيتمش مع الملك الناصر فرج بعد موت الظاهر برقوق.

قال ابن أبي طي: وكانت خلعهم يعني الخلفاء الفاطميين على الأمراء: الثياب الديبقيّ، والعمائم الصب بالطراز الذهب، وكان طراز الذهب، والعمامة من خمسمائة دينار، ويخلع على أكابر الأمراء: الأطواق الذهب، والأسورة والسيوف المحلاة، وكان يخلع على الوزير عوضا عن الطوق عقد جوهر.

<<  <  ج: ص:  >  >>