وكان للخليفة الحاضر ما يقرب من ألف رأس في كل اصطبل، النصف من ذلك منها، ما هو برسم الخاص، ومنها ما يخرج برسم العواري لأرباب الرتب، والمستخدمين دائما، ومنها ما يخرج أيام المواسم، وهي التغيرات المتقدّم ذكر إرسالها لأرباب الرتب، والخدم، والمرتب لكل اصطبل منها لكل: ثلاثة أرؤس سائس واحد ملازم، ولكل واحد منها: شدّاد برسم تسييرها، وفي كل اصطبل بئر بساقية، تدور إلى أحواض، ومخازن فيها الشعير، والأقراط اليابسة المحمولة من البلاد إليها، ولكل عشرين رجلا من السّواس: عريف يلتزم دركهم بالضمان لأنهم الذين يتسلمون من خزائن السروج المركبات بالحلي، ويعيدونها إليها كما تقدّم ذكره في خزائن السروج ولكل من الاصطبلين: رائض كأمير أخور، ولهما ميرة، وجامكية متسعة، وللعرفاء على السّواس ميرة، وللجماعات الجرايات من القمح، والخبز خارجا عن الجامكيات، فإذا بقي لأيام المواسم التي يركب فيها الخليفة بالمظلة مدّة أسبوع أخرج إلى كل رائض في الإصطبل مع أستاذ مظلة ديبقيّ مركبة على قنطارية مدهونة، ويختص الرائض على ما يركبه الخليفة إما فرسين أو ثلاثة، وعليهما المركبات الحلي التي يركبها الخليفة، فيركبها الرائض بحائل بينه وبين السرج، ويركب الأستاذ بغلة مظلة، ويحمل تلك المظلة، ويسير في براح الاصطبل، وفيه سعة عظيمة مارّا، وعائدا وحولها البوق والطبل، فيكرّر ذلك عدّة دفعات في كل يوم مدّة ذلك الأسبوع، ليستقرّ ما يركبه الخليفة من الدواب على ذلك، ولا ينفر منه في حال الركوب عليه، فيعمل كذلك في كل اصطبل من الاصطبلين، والدواب البغلة التي تتهيأ، هي التي يركبها الخليفة، وصاحب المظلة يوم الموسم، ولا يختل ذلك.
ويقال: إنه ما راثت دابة ولا بالت، والخليفة راكبها، ولا بغلة صاحب المظلة أيضا إلى حين نزولهما عنهما، وكان في الساحل بطريق مصر من القاهرة في البساتين المنسوبة إلى ملك صارم الدين حللبا: شونتان مملوءتان تبنا معبيتان كتعبيته في المراكب كالجبلين الشاهقين، ولهما مستخدمون حام، ومشارف، وعامل بجامكية جيدة تصل بذلك المراكب التبانة المؤهلة له، من موظف الأتبان بالبلاد الساحلية وغيرها، مما يدخل إليه في أيام النيل، ولها رؤساء، وأمرها جار في ديوان العمائر، والصناعة، والإنفاق منها بالتوقيعات السلطانية للاصطبلات المذكورة وغيرها من الأواسي الديوانية، وعوامل بساتين الملك، وإذا جرى بين المستخدمين خلف في الشنف التبن المعتبر، عادوا إلى قبضه بالوزن، فيكون الشنف التبن: ثلثمائة وستين رطلا بالمصريّ، نقيا وإذا أنفقوا دريسا قد تغيرت صورة قته كان عن القتة اثنا عشر رطلا، ولم يزل ذلك كذلك إلى آخر وقته، ومما يخبر عنهم أنهم لم يركبوا حصانا أدهم قط، ولا يرون إضافته إلى دوابهم بالاصطبلات، وقال ابن عبد الظاهر:
اصطبل الطارمة: كان اصطبلا للخليفة، فلما زالت تلك الأيام اختط وبنى آدرا.