الوزير من داره، وبين يديه الأمراء، فإذا وصل إلى باب القصر ترجل الأمراء، وهو راكب، ويكون دخوله في هذا اليوم من باب العيد، ولا يزال راكبا إلى أوّل باب من الدهاليز الطوال، فينزل هناك، ويمشي فيها، وحواليه حاشيته، وغلمانه وأصحابه، ومن يراه من أولاده، وأقاربه ويصل إلى الشباك فيجد تحته كرسيا كبيرا من كراسي البلق الجيد، فيجلس عليه، ورجلاه تطأ الأرض، فإذا استوى جالسا رفع كل أستاذ الستر من جانبه، فيرى الخليفة جالسا في المرتبة الهائلة، فيقف ويسلم ويخدم بيده إلى الأرض ثلاث مرات، ثم يؤمر بالجلوس على كرسيه، فيجلس ويستفتح القرّاء بالقراءة قبل كل شيء بآيات لائقة بذلك الحال، مقدار نصف ساعة، ثم يسمر الأمراء، ويسرع في عرض الخيل، والبغال الخاص المقدّم ذكرها دابة دابة، وهي هادئة كالعرائس بأيدي شدّاديها إلى أن يكمل عرضها، فيقرأ القرّاء لختم ذلك الجلوس، ويرخي الأستاذان الستر، فيقدّم الوزير ويدخل إليه، ويقبل يديه ورجليه وينصرف عنه إلى داره، فيركب من مكان نزوله، والأمراء بين يديه لوداعه إلى داره ركبانا ومشاة، إلى قريب المكان فإذا صلى الخليفة الظهر بعد انفضاض ما تقدّم، جلس لعرض ما يلبسه في عيد تلك الليلة، وهو يوم افتتاح العام بخزائن الكسوات الخاص، ويكون لباسه فيه البياض غير الموشح فيعين على منديل خاص وبدلة، فأما المنديل: فيسلم الشادّ التاج الشريف، ويقال له شدّة الوقار «١» ، وهو من الأستاذين المحنكين، وله ميزة لممارسة ما يعلو تاج الخليفة فيشدّها شدّة غريبة لا يعرفها سواه، شكل الإهليلجة، ثم يحضر إليه اليتيمة، وهي جوهرة عظيمة لا يعرف لها قيمة فتنظم هي وحواليها ما دونها من الجواهر، وهي موضوعة في الحافر، وهو شكل الهلال من ياقوت أحمر ليس له مثال في الدنيا، فتنظم على خرقة حرير أحسن وضع، ويخيطها شادّ التاج بخياطة خفيفة ممكنة، فتكون بأعلى جبهة الخليفة.
ويقال: إنّ زنة الجوهرة سبعة دراهم، وزنة الحافر: أحد عشر مثقالا، وبدائرها قصبة زمرّذ ذبابي «٢» له قدر عظيم ثم يؤمر بشدّ المظلة التي تشابهها تلك البدلة المحضرة بين يديه، وهي مناسبة للثياب، ولها عندهم جلالة لكونها تعلو رأس الخليفة، وهي اثنا عشر شوزكا «٣» عرض سفل كل شوزك شبر، وطوله ثلاثة أذرع وثلث، وآخر الشورك من فوق دقيق جدّا، فيجتمع ما بين الشوازك في رأس عودها بدائره، وهو قنطارية من الزان ملبسة بأنابيب الذهب، وفي آخر أنبوبة تلي الرأس من جسمه،