محمد الحسن بن عليّ بن عبد الرحمن البازوريّ، وما زالت سكن الوزراء إلى أن قدم أمير الجيوش بدر الجماليّ من عكا، ووزره المستنصر، وصار وزيرا مستبدّا، فأنشأ داره: بحارة برجوان، وسكنها وسكن من بعده ابنه الأفضل ابن أمير الجيوش بدار القباب التي عرفت:
بدار الوزارة الكبرى، وصارت هذه الدار تعرف: بدار الديباج، لأنه يعمل فيها الحرير الديباج، ويتولاها الأماثل والأعيان.
فمن وليها أبو سعيد بن قرقة الطبيب متولي خزائن السلاح، وخزائن السروج والصناعات، فلما انقرضت الدولة الفاطمية بنى الناس في مكان دار الديباج المدرسة السيفية، وما وراءها من المواضع التي تعرف أماكنها اليوم: بدرب الحريريّ، وما جاور هذا الدرب إلى المدرسة الصاحبية، وما بجوارها وما هو في ظهرها، فصار يعرف خط دار الديباج في زمننا بخط سويقة الصاحب.
الأهراء السلطانية «١» : وكانت أهراء الغلال السلطانية في دولة الخلفاء الفاطميين حيث المواضع التي فيها الآن خزانة شمائل، وما وراءها إلى قرب الحارة الوزيرية.
قال ابن الطوير: وأما الأهراء فإنها كانت في عدّة أماكن بالقاهرة وهي اليوم:
اصطبلات ومناخات، وكانت تحتوي على ثلثمائة ألف أردب من الغلات، وأكثر من ذلك.
وكان فيها مخازن يسمى أحدها: بغداي، وآخر: الفول، وآخر: القرافة، ولها الحماة من الأمراء والمشارفين من العدول، والمراكب واصلة إليها بأصناف الغلات إلى ساحل مصر، وساحل المقس، والحمالون يحملون ذلك إليها بالرسائل على يد رؤساء المراكب، وأمنائها من كل ناحية سلطانية، وأكثر ذلك من الوجه القبليّ، ومنها إطلاق الأقوات لأرباب الرتب والخدم وأرباب الصدقات، وأرباب الجوامع، والمساجد، وجرايات العبيد السودان بتعريفات، وما ينفق في الطواحين برسم خاص الخليفة، وهي طواحين مدارها سفل، وطواحينها علو حتى لا تقارب زبل الدواب، ويحمل دقيقها للخاص، وما يختص بالجهات في خرائط من شقق حلبية.
ومن الأهراء تخرج جرايات رجال الأسطول، وفيها ما هو قديم يقطع بالمساحي، ويخلط في بعض الجرايات بالجديد بجرايات المذكورين وجرايات السودان، ومنها ما يستدعي بدار الضيافة لإخباز الرسل، ومن يتبعهم، وما يعمل من القمح برسم الكعك لزاد الأسطول، فلا يفتر مستخدموها من دخل وخرج ولهم جامكية مميزة، وجرايات برسم أقواتهم، وشعير لدوابهم وما يقبض من الواصلين بالغلال إلّا ما يماثل العيون المختومة معهم، وإلّا ذرّي، وطلب العجز بالنسبة.