للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال ابن عبد الظاهر «١» : المنظرة المعروفة باللؤلؤة على برّ الخليج بناها: الظاهر لإعزاز دين الله بن الحاكم يعني بعدما هدمها أبوه الحاكم، وكانت معدّة لنزهة الخلفاء، وكان التوصل إليها من القصر يعني القصر الغربيّ، من باب مراد، وأظنه فيما ذكر لي: علم الدين بن مماتي الوراق، لأنه شاهد في كتب دار ابن كوخيا التيقة أنه بابها، وكان عادة الخلفاء أن يقيموا بها أيام النيل، ولما حصل التوهم من النزارية، والحشيشية قبل تصرّفهم لا سيما لصغر سنّ الخليفة، وقلة حواشيه، أمر بسدّ باب مراد المذكور الذي يتوصل منه إلى الكافوريّ، وإلى اللؤلؤة، وأسكن في بعضها فرّاشين لحفظها، فإن كان في صبيحة كسر الخليج استؤذن الأفضل ابن أمير الجيوش في فتح باب مراد الذي يتوصل منه إلى اللؤلؤة وغيرها، فيفتح ويروح الخليفة ليتفرّج هو وأهله من النساء، ثم يعود، ويسدّ الباب هذا إلى آخر أيام الأفضل، فلما راجع الوزير المأمون في ذلك سارع إليه، فأصلحت وأزيل ما كان أنشئ قبالتها على ما سيذكر في مكانه إن شاء الله تعالى.

ومات بقصر اللؤلؤة من خلفاء الفاطميين: الآمر بأحكام الله، والحافظ لدين الله، والفائز، وحملوا إلى القصر الكبير الشرقيّ من السراديب. ولما قدم نجم الدين أيوب بن شادي من الشام على ولده: صلاح الدين يوسف، وخرج الخليفة العاضد لدين الله إلى لقائه بصحراء الهليلج بآخر الحسينية عند مسجد تبر «٢» ، أنزل بمنظرة اللؤلؤة، فسكنها حتى مات في سنة سبع وستين وخمسمائة، واتفق أن حضر يوما عنده الفقيه نجم الدين عمارة اليمنيّ، والرضى أبو سالم يحيى الأحدب بن أبي حصيبة الشاعر في قصر اللؤلؤة بعد موت الخليفة العاضد، فأنشد ابن أبي حصيبة نجم الدين أيوب فقال:

يا مالك الأرض لا أرضى له طرفا ... منها وما كان منها لم يكن طرفا

قد عجل الله هذي الدار تسكنها ... وقد أعدّ لك الجنات والغرفا

تشرّفت بك عمن كان يسكنها ... فالبس بها العزّ ولتلبس بك الشرفا

كانوا بها صدقا والدار لؤلؤة ... وأنت لؤلؤة صارت لها صدفا

فقال الفقيه عمارة يرد عليه:

أثمت يا من هجا السادات والخلفا ... وقلت ما قلته في ثلبهم سخفا

جعلتهم صدفا حلوا بلؤلؤة ... والعرف ما زال سكنى اللؤلؤ الصدفا

<<  <  ج: ص:  >  >>