ولها رؤساء، ونواتية لا يبرحون ونفقاتهم جارية من مال الديون، فإذا وصل بالاستعمالات الخاصة التي منها المظلة، وبدلتها والبدنة واللباس الخاص الجمعيّ، وغيره هيئ بكرامة عظيمة، وندب له دابة من مراكيب الخليفة لا تزال تحته حتى يعود إلى خدمته وينزل في الغزالة على شاطىء الخليج، وكانت من المناظر السلطانية، وجدّدها شعاع بن شاور، ولو كان لصاحب الطراز في القاهرة عشرة دور، لا يمكن من نزوله إلّا بالغزالة، وتجري عليه الضيافة كالغرباء الواردين على الدولة، فيمتثل بين يدي الخليفة بعد حمل الأسفاط المشدودة على تلك الكساوي العظيمة، ويعرض جيع ما معه، وهو ينبه على شيء فشيء بيد فراشي الخاص في دار الخليفة مكان سكنه، ولهذا حرمة عظيمة، ولا سيما إذا وافق استعماله غرضهم. فإذا انقضى عرض ذلك بالمدرج الذي يحضر سلم لمستخدم الكسوات، وخلع عليه بين يدي الخليفة باطنا ولا يخلع على أحد كذلك سواه، ثم ينكفئ إلى مكانه، وله في بعض الأوقات التي لا يتسع له الانفصال نائب يصل عنه بذلك غير غريب منه، ولا يمكن أن يكون إلّا ولدا أو أخا، فإن الرتبة عظيمة، والمطلق له من الجامكية في الشهر سبعون دينارا، ولهذا النائب: عشرون دينارا، لأنه يتولى عنه إذا وصل بنفسه، ويقوم إذا غاب في الاستعمال مقامه ومن أدواته أنه إذا عبىء ذلك في الأسفاط: استدعى والي ذلك المكان ليشاهد عند ذلك، ويكوعن الناس كلهم قياما لحلول نفس المظلة، وما يليها من خاص الخليفة في مجلس دار الطراز، وهو جالس في مرتبته، والوالي واقف على رأسه خدمة لذلك، وهذا من رسوم خدمته وميزتها.
دار الذهب: وكان بجوار الغزالة: دار الذهب، وموضعها الآن على يسرة الخارج من باب الخوخة، فيما بينه وبين باب سعادة، وكانت مطلة على الخليج في مكانها اليوم دار تعرف: ببهادر الأعسر، وبقي منها عقد بجوار دار الأعسر يعرف الآن: بقبو الذهب من خطة بين السورين.
قال ابن المأمون: لما ذكر تحوّل الخليفة الآمر بأحكام الله إلى اللؤلؤة: ثم أحضر الوزير المأمون وكيله أبا البركات محمد بن عثمان، وأمره أن يمضي إلى داري الفلك والذهب اللتين على شاطىء الخليج، فالدار الأولى التي من حيز باب الخوخة بناها فلك الملك، وذكر أنه من الأستاذين الحاكمية ولم تكن تعرف إلّا بدار الفلك، ولما بنى الأفضل ابن أمير الجيوش، الدار الملاصقة لها التي من حيز باب سعادة، وسماها دار الذهب غلب الاسم على الدارين، ويصلح ما فسد منهما، ويضيف إليهما دار الشابورة، وذكر أن هذه الدار لم تسمّ بهذا الاسم إلّا لأن جزءا منها بيع في أيام الشدّة في زمن المستنصر بشابورة.
قال: وعندما قارب النيل أقاربه، تحوّل الخليفة في الليل من قصوره بجميع جهاته وإخوته وأعمامه والسيدات كرائمه، وعماته إلى اللؤلؤة، وتحوّل الأجل المأمون بالأجلاء