للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال ابن عبد الظاهر: الدكة بالمقس، كانت بستانا، وكان الخليفة إذا ركب من كسر الخليج من السكرة بمظلته يسير في البرّ الغربيّ، ومضارب الناس والأمراء، وخيمهم عن يمينه وشماله إلى أن يصل إلى هذا البستان المعروف بالدكة: وقد غلقت أبوابه ودهاليزه، فيدخل إليه بمفرده، ويسقي منه الفرس الذي تحته، وهي قضية، ذكر المؤرخ للسيرة المأمونية: أنهم كانوا يعتمدونها إلى آخر وقت، ولم يعلم سببها، ثم يخرج ويسير إلى أن يقف على الترعة الآتي ذكرها، ويدخل من باب القنطرة، وينزل إلى القصر، والدكة الآن:

آدر وحارات شهرتها تغني عن وصفها، فسبحان من لا يتغير.

وقال ابن الطوير عن الظاهر لإعزاز دين الله أبي هاشم عليّ بن الحاكم بأمر الله: كان بمنظرة يقال لها: الدكة بساحل المقس يعني أنه مات بها.

منظرة المقس «١» : وكان من جملة مناظرهم أيضا: منظرة بجوار جامع المقس الذي تسميه العامّة اليوم: جامع المقسي، وكانت هذه المنظرة بحري الجامع المذكور، وهي مطلة على النيل الأعظم، وكان حينئذ ساحل النيل بالمقس وكانت هذه المنظرة: معدّة لنزول الخليفة بها عند تجهيز الأسطول إلى غزو الفرنج، فتحضر رؤساء المراكب بالشواني، وهي مزينة بأنواع العدد، والسلاح، ويلعبون بها في النيل حيث الآن الخليج الناصري تجاه الجامع وما وراء الخليج من غربيه.

قال ابن المأمون: وذكر تجهيز العساكر في البرّ، عند ورود كتب صاحبي دمشق وحلب في سنة سبع عشرة وخمسمائة، ما يحث على غزو الفرنج، ومسيرها مع حسام الملك، وركب الخليفة الآمر بأحكام الله، وتوجه إلى الجامع بالمقس، وجلس بالمنظرة في أعلاه، واستدعى مقدّم الأسطول الثاني، وخلع عليه، وانحدرت الأساطيل مشحونة بالرجال، والعدد، والآلات، والأسلحة، واعتمد ما جرت العادة به من الإنعام عليهم، وعاد الخليفة إلى البستان المعروف بالبعل إلى آخر النهار، وتوجه إلى قصره بعد تفرقة جميع الرسوم، والصدقات والهبات الجاري بها العادة في الركوبات.

وقال ابن الطوير: فإذا تكملت النفقة، وتجهزت المراكب، وتهيأت للسفر ركب الخليفة والوزير إلى ساحل المقس، وكان هناك على شاطىء البحر بالجامع، منظرة يجلس فيها الخليفة برسم وداعه يعني الأسطول، ولقائه إذا عاد، فإذا جلس هو والوزير للوداع، جاءت القوّاد بالمراكب من مصر إلى هناك للحركات في البحر بين يديه وهي مزينة

<<  <  ج: ص:  >  >>