وقال ابن المأمون: وحل موسم النوروز في التاسع من رجب سنة سبع عشرة وخمسمائة، ووصلت الكسوة المختصة به من الطراز، وثغر الإسكندرية مع ما يبتاع من المذابّ المذهبة والحريري والسوادج، وأطلق جميع ما هو مستقرّ من الكسوات الرجالية، والنسائية، والعين والورق وجميع الأصناف المختصة بالموسم على اختلافها بتفصيلها، وأسماء أربابها، وأصناف النوروز البطيخ والرّمان وعراجين الموز، وأفراد البسر، وأقفاص التمر القوصيّ، وأقفاص السفرجل، وبكل الهريسة المعمولة من لحم الدجاج، ولحم الضأن، ولحم البقر من كل لون بكلة مع خبز برّ مارق.
قال: وأحضر كاتب الدفتر: الإثبابات بما جرت العادة به من إطلاق العين والورق، والكسوات على اختلافها في يوم النوروز، وغير ذلك من جميع الأصناف، وهو أربعة آلاف دينار، وخمسة عشر ألف درهم فضة، والكسوات عدّة كثيرة من شفق ديبقيّ مذهبات، وحريريات، ومعاجر «١» وعصائب مشاومات ملوّنات، وشفق لاذ مذهب وحريريّ، ومشفع وفوط، ديبقيّ حريريّ.
فأما العين والورق، والكسوات فذلك لا يخرج عمن تحوزه القصور، ودار الوزارة، والشيوخ والأصحاب والحواشي والمستخدمون، ورؤساء العشاريات، وبحارتها، ولم يكن لأحد من الأمراء على اختلاف درجاتهم في ذلك نصيب، وأما الأصناف من البطيخ والرمّان والبسر والتمر والسفرجل والعناب، والهرائس على اختلافها فيشمل ذلك جميع من تقدّم ذكرهم، ويشكرهم في ذلك جميع الأمراء أرباب الأطواق، والأقصاب وسائر الأماثل، وقد تقدّم شرح ذلك، فوقع الوزير المأمون على جميع ذلك بالإنفاق.
وقال القاضي الفاضل في تعليق المتجدّدات لسنة أربع وثمانين وخمسمائة: يوم الثلاثاء أربع عشر رجب يوم النوروز القبطيّ، وهو مستهل «٢» توت، وتوت أوّل سنتهم، وقد كان بمصر في الأيام الماضية، والدولة الخالية يعني دولة الخلفاء الفاطميين من مواسم بطالاتهم، ومواقيت ضلالاتهم، فكانت المنكرات ظاهرة فيه، والفواحش صريحة في يومه ويركب فيه أمير موسوم: بأمير النوروز، ومعه جمع كثير، ويتسلط على الناس في طلب رسم رتبه على دور الأكابر بالجمل الكبار، ويكتب مناشير، ويندب مترسمين، كل ذلك يخرج مخرج الطير، ويقنع بالميسور من الهبات، ويتجمع المؤنثون، والفاسقات تحت قصر اللؤلؤة بحيث يشاهدهم الخليفة، وبأيديهم الملاهي، وترفع الأصوات، وتشرب الخمر والمزر شربا ظاهرا بينهم، وفي الطرقات، ويتراش الناس بالماء، وبالماء والخمر، وبالماء ممزوجا بالأقدار، فإن غلط مستور، وخرج من داره لقيه من يرشه، ويفسد ثيابه، ويستخف