ويتكامل جميع أهل الدولة وأرباب الأشغال على بابه، فيخرج راكبا ويمضي إلى القصر، فيمشي من الأمور ما يختار بغير مشاورة.
فلما تزايد الأمر وكثر استبداده تحرّد له الحاكم، ونقم عليه أشياء من تجرّئه عليه ومعاملته له بالإذلال وعدم الامتثال، منها أنّه استدعاه يوما وهو راكب معه، فصار إليه وقد ثنى رجله على عنق فرسه وصار باطن قدمه وفيه الخفّ قبالة وجه الحاكم، ونحو ذلك من سوء الأدب. فلما كان يوم الخميس سادس عشري شهر ربيع الآخر سنة تسعين وثلاثمائة، أنفذ إليه الحاكم عشيّة للركوب معه إلى المقياس «١» ، فجاء بعد ما تباطأ، وقد ضاق الوقت، فلم يكن بأسرع من خروج عقيق الخادم باكيا يصيح: قتل مولاي. وكان هذا الخادم عينا لبرجوان في القصر، فاضطرب الناس، وأشرف عليهم الحاكم، وقام زيدان صاحب «٢» المظلّة فصاح بهم: من كان في الطاعة فلينصرف إلى منزله ويبكر إلى القصر المعمور.
فانصرف الجميع.
فكان من خبر قتل برجوان أنّه لما دخل إلى القصر كان الحاكم في بستان يعرف بدويرة التين والعنّاب ومعه زيدان، فوافاه برجوان بها وهو قائم، فسلّم ووقف، فسار الحاكم إلى أن خرج من باب الدويرة فوثب زيدان على برجوان وضربه بسكّين كانت معه في عنقه، وابتدره قوم كانوا قد أعدّوا للفتك به، فأثخنوه جراحة بالخناجر، واحتزّوا رأسه ودفنوه هناك. ثمّ إنّ الحاكم أحضر إليه الرئيس، فهدأ بعد العشاء الأخيرة وقال له: أنت كابني، وأمّنه وطمّنه، فكانت مدّة نظر برجوان في الوساطة سنتين وثمانية أشهر تنقص يوما واحدا، ووجد الحاكم في تركته مائة منديل يعني عمامة، كلّها شروب ملوّنة معمّمة على مائة شاشية، وألف سراويل دبيقية «٣» بألف تكّة حرير أرمنيّ، ومن الثياب المخيطة والصحاح «٤» والحليّ والمصاغ والطيب والفرش والصياغات الذهب والفضّة ما لا يحصى كثرة، ومن العين ثلاثة وثلاثين ألف دينار، ومن الخيل الركابيّة مائة وخمسين فرسا وخمسين بغلة، ومن بغال النقل ودواب الغلمان نحو ثلثمائة رأس، ومائة وخمسين سرجا، منها عشرون ذهبا؛ ومن الكتب شيء كثير. وحمل لجاريته من مصر إلى القاهرة رحل على ثمانين حمارا.
قال ابن خلكان: وبرجوان بفتح الباء الموحدة وسكون الراء وفتح الجيم والواو وبعد