منه بابنه أبي القاسم وسار إلى مصر، وكان لهما قصص مع النوشزيّ «١» عامل مصر حتّى خلصا منه ولحقا ببلاد المغرب. وبلغ ابن الأغلب زيادة الله خبره مسير عبيد الله، فأزكى له العيون وأقام له الأعوان حتّى قبض عليه بسلجماسة، وكان عليها اليسع بن مدرار، وحبس بها هو وابنه أبو القاسم. وبلغ ذلك أبا عبد الله وقد عظم أمره، فسار وضايق زيادة الله بن الأغلب، وأخذ مدائنه شيئا بعد شيء، وصار فيما ينيف على مائتي ألف، وألحّ على القيروان حتّى فرّ زيادة الله إلى مصر، وملكها أبو عبد الله، ثم سار إلى رفادة فدخلها أوّل رجب سنة ست وتسعين ومائتين، وفرّق الدور على كتامة وبعث العمال إلى البلاد، وجمع الأموال ولم يخطب باسم أحد.
فلما دخل شهر رمضان سار من رفّادة «٢» فاهتزّ لرحيله المغرب بأسره وخافته زنانة وغيرها، وبعثوا إليه بطاعتهم، وسار إلى سلجماسة «٣» ، ففرّ منه اليسع بن مدرار واليها، ودخل البلد فأخرج عبيد الله وابنه من السجن وقال: هذا المهديّ الذي كنت أدعوكم إليه.
وأركبه هو وابنه ومشى بسائر رؤساء القبائل بين أيديهما وهو يقول: هذا مولاكم ويبكي من شدّة الفرح حتى وصل إلى فسطاط «٤» ضرب له، فأنزل فيه وبعث في طلب اليسع فأدركه، وحمل إليه فضربه بالسياط وقتله، ثمّ سار المهدي إلى رفادة فصار بها في آخر ربيع الآخر سنة سبع وتسعين ومائتين.
ولما تمكّن قتل أبا عبد الله وأخاه في يوم الاثنين للنصف من جمادى الآخرة سنة ثمان وتسعين ومائتين، فكان هذا ابتداء أمر الخلفاء الفاطميين، وما زالت كتامة هي أهل الدولة مدّة خلافة المهدي عبيد الله وخلافة ابنه القاسم القائم بأمر الله وخلافة المنصور بنصر الله إسماعيل بن القاسم وخلافة معدّ المعز لدين الله ابن المنصور، وبهم أخذ ديار مصر لما سيّرهم إليها مع القائد جوهر «٥» في سنة ثمان وخمسين وثلثمائة، وهم أيضا كانوا أكابر من قدم معه من الغرب في سنة اثنين وستّين وثلثمائة. فلما كان في أيّام ولده العزيز «٦» بالله نزار اصطنع الدّيلم والأتراك، وقدّمهم وجعلهم خاصّته، فتنافسوا وصار بينهم وبين كتامة تحاسد إلى أن مات العزيز «٧» بالله، وقام من بعده أبو عليّ المنصور الملقّب بالحاكم بأمر الله، فقدّم