فأدركه الطلب «١» ، وقتل عند مسجد تبر خارج القاهرة، وقتل أخوه الآخر عند بركة الفيل، فصار حينئذ ضرغام ملقى يومين، ثمّ حمل إلى القرافة ودفن بها، وكانت وزارته تسعة أشهر، وكان من أجلّ أعيان الأمراء وأشجع فرسانهم وأجودهم لعبا بالكرة وأشدّهم رميا بالسهام، ويكتب مع ذلك كتابة ابن مقلة وينظم الموشّحات الجيدة، ولمّا جيء برأسه إلى شاور رفع إلى قفاه وطيف به، فقال الفقيه عمارة:
أرى جنك «٢» الوزارة صار سيفا ... يحزّ بحدّه جيد الرقاب
كأنّك رائد البلوى وإلا ... بشير بالمنيّة والمصاب
فكان كما قال عمارة فإن البلايا والمنايا من حينئذ تتابعت على دولة الخلفاء الفاطميين حتّى لم يبق منهم عين تطرف ولله عاقبة الأمور.
حارة العطوفية: هذه الحارة تنسب إلى طائفة من طوائف العسكر يقال لها العطوفية، وقال ابن عبد الظاهر: العطوفية منسوبة لعطوف أحد خدّام القصر وهو عطوف غلام الطويلة، وكان قد خدم ستّ الملك أخت الحاكم، قال: وسكنت- يعني الطائفة الجيوشية- بحارة العطوفية بالقاهرة، ولله درّ الأديب إبراهيم المعمار إذ يقول مواليا يشتمل على ذكر حارات بالقاهرة وفيها تورية:
في الجودرية رأيت صورة هلالية ... للباطليّة تميل لا للعطوفيّة
لها من اللؤلؤة ثغرين منشيّه ... إن حرّكوا وجهها بنت الحسينيّة
وكانت العطوفية من أجلّ مساكن القاهرة، وفيها من الدور العظيمة والحمامات والأسواق والمساجد ما لا يدخل تحت حصر، وقد خربت كلّها وبيعت أنقاضها وبيوتها ومنازلها، وأضحت أوحش من وتدعير في قاع. وعطوف هذا كان خادما أسود قتله الحاكم بجماعة من الأتراك وقفوا له في دهليز القصر واحتزّوا رأسه في يوم الأحد لإحدى عشرة خلت من صفر سنة إحدى وأربعمائة قاله المسبّحي.
حارة الجوّانية «٣» : كان يقال لهذه الحارة أوّلا حارة الروم «٤» الجوّانية، ثمّ ثقل على الألسنة ذلك فقال الناس الجوانية، وكان أيضا يقال لها حارة الروم العليا المعروفة بالجوّانية. وقال المسبّحي: وقد ذكر ما كتبه أمير المؤمنين الحاكم بأمر الله من الأمانات في