غنيت بها عن شرب خمر معتّق ... وبالدلق عن لبس الجديد المزوّق
وأنشدني الحافظ جلال الدين أبو المعز ابن أبي الحسن بن أحمد بن الصائغ المغربيّ لنفسه:
عاطني خضراء كافورية ... يكتب الخمر لها من جندها
أسكرتنا فوق ما تسكرنا ... وربحنا أنفسا من حدّها
وأنشدني لنفسه:
قم عاطني خضراء كافورية ... قامت مقام سلافة الصهباء
يغدو الفقير إذا تناول درهما ... منها له تيه على الأمراء
وتراه من أقوى الورى فإذا خلا ... منها عددناه من الضعفاء
وأنشدني من لفظه لنفسه أيضا:
عاطيت من أهوى وقد زارني ... كالبدر وافى ليلة البدر
والبحر قد مدّ على متنه ... شعاعه جسرا من التبر
خضراء كافورية رنحت ... أعطافه من شدّة السكر
يفعل منها درهم فوق ما ... تفعل أرطال من الخمر
فراح نشوانا بها غافلا ... لا يعرف الحلو من المرّ
قال وقد نال بها أمره ... فبات مردودا إلى أمري
قتلتني قلت نعم سيدي ... قتلين بالسكر وبالبحر
قال: وأمر السلطان الملك الصالح، يعني نجم الدين أيوب، الأمير جمال الدين أبا الفتح موسى بن يغمور، أن يمنع من يزرع في الكافوري من الحشيشة شيئا، فدخل ذات يوم فرأى فيه منها شيئا كثيرا، فأمر بأن يجمع فجمع وأحرق. فأنشدني في الواقعة الشيخ الأديب الفاضل شرف الدين أبو العباس أحمد بن يوسف لنفسه، وذلك في ربيع الأوّل سنة ثلاث وأربعين وستمائة:
صرف الزمان وحادث المقدور ... تركا نكير الخطب غير نكير
ما سالما حيا ولا ميتا ولا ... طودا سما بل دكدكا «١» بالطور
لهفي وهل يجدي التهلف في ذرى ... طرب الغنيّ وأنس كلّ فقير
أخت المذلة لارتكاب محرّم ... قطب السرور بأيسر الميسور
جمعت محاسن ما اجتمعن لغيرها ... من كلّ شيء كان في المعمور