وقام من بعده الملك الكامل شعبان ورسم له بنيابة حلب عوضا عن الأمير يلبغا اليحياوي، فحضر إليها في جمادى الأولى سنة ست وأربعين، فأقام بها نحو خمسة أشهر، ثم طلب إلى مصر فحضر إليها فلم يكن غير قليل حتى خلع الكامل وتسلطن المظفر حاجي، وولاه نيابة السلطنة بمصر فباشرها إلى أن خلع المظفر وأقيم في السلطنة الملك الناصر، استعفى من النيابة وسأل نيابة حلب فأجيب وولي نيابة حلب وخرج إليها، وما زال فيها إلى أن نقل منها إلى نيابة دمشق، ففرح أهلها به وساروا إلى حلب، فرحل عنها فنزل به مرض، وسار وهو مريض فمات بعين مباركة ظاهر حلب يوم الأربعاء خامس جمادى الأولى سنة خمس وسبعمائة وقد أناف عن السبعين. فعاد أهل دمشق خائبين. وكان زكيا فطنا محجاجا لسنا مع عجمة في لسانه، وله تبنيت مطبوع وميل إلى الصور الجميلة ما يكاد يملك نفسه إذا شاهدها مع كرم في المأكول.
درب البنادين: بحارة الروم، يعرف بالبنادين من جملة طوائف العساكر في الدولة الفاطمية، ثم عرف بدرب أمير جاندار، وهو ينفذ إلى حمام الفاضل المرسوم بدخول الرجال، وأمير جاندار هذا هو الأمير علم الدين سنجر الصالحي المعروف بأمير جندار.
درب المكرّم: بحارة الروم يعرف بالقاضي المكرّم جلال الدين حسين بن ياقوت البزاز نسيب ابن سنا الملك.
درب الضيف: بحارة الديلم، عرف بالقاضي ثقة الملك أبي منصور نصر بن القاضي الموفق أمير الملك أبي الظاهر إسماعيل بن القاضي أمين الدولة أبي محمد الحسن بن علي بن نصر بن الضيف. كان موجودا في سنة ثمان وثمانين وخمسمائة، وبه أيضا رحبة تعرف برحبة الضيف منسوبة إليه.
درب الرصاصي: بحارة الديلم، هذا الدرب كان يعرف بحكر الأمير سيف الدين حسين بن أبي الهيجاء، صهر بني رزبك من وزراء الدولة الفاطمية، ثم عرف بحكر تاج الملك بدران بن الأمير سيف الدين المذكور، ثم عرف بالأمير عز الدين أيبك الرصاصي.
درب ابن المجاور: هذا الدرب على يسرة من دخل من أوّل حارة الديلم، كان فيه دار الوزير نجم الدين بن المجاور وزير الملك العزيز عثمان، عرف به وهو يوسف بن الحسين بن محمد بن الحسين أبو الفتح نجم الدين الفارسيّ الشيرازي، المعروف بابن المجاور، كان والده صوفيا من أهل فارس، ثم من شيراز، قدم دمشق وأقام في دويرة الصوفية بها. وكان من الزهد والدين بمكان، وأقام بمكة وبها مات في رجب سنة ست وثمانين وخمسمائة، وكان أخوه أبو عبد الله قد سمع الحديث وحدّث وقدم إلى القاهرة ومات بدمشق أوّل رمضان سنة خمس وعشرين وستمائة.