للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[المبحث الخامس: إسلام الأنصار واستجابتهم لله ولرسوله]

[١ - بدء إسلام الأنصار]

١٣٨ - عن عائشة قالت: "كان يوم بعاث يومًا قدمه الله لرسوله ، فقدم رسول الله وقد افترق ملؤهم، وقتلت سرواتهم وجرحوا، فقدمه الله لرسوله في دخولهم في الإِسلام" (١)

قال ابن إسحاق: (فلما أراد الله ﷿ إظهار دينه، وإعزاز نبيه ، وإنجاز موعده له، خرج رسول الله في الموسم الذي لقيه فيه النفر من الأنصار، وهم فيما يزعمون ستة فيهم جابر بن عبد الله بن رئاب" (٢).

١٣٩ - قال ابن إسحاق: فحدثني عاصم بن عمر بن قتادة عن أشياخ من قومه قالوا: "لما لقيهم رسول الله قال لهم: (من أنتم؟) قالوا: نفر من الخزرج قال: (أمن موالي يهود؟) قالوا: نعم قال: (أفلا تجلسون أكلمكم؟) قالوا: بلى. فجلسوا معه، فدعاهم إلى الله ﷿، وعرض عليهم الإِسلام وتلا عليهم القرآن.

قال: وكان مما صنع الله بهم في الإِسلام، أن يهود كانوا معهم في بلادهم وكانوا أهل كتاب وعلم، وكانوا هم أهل شرك وأصحاب أوثان، وكانوا قد عَزُّوهم ببلادهم (٣)، فكانوا إذا كان بينهم شيء قالوا لهم: إن نبيًّا مبعوث الآن، قد أظل زمانه، نتبعه فنقتلكم معه قتل عاد وإرم.

فلما كلم رسول الله أولئك النفر ودعاهم إلى الله. قال بعضهم لبعض: يا قوم، تعلموا والله إنه للنبي الذي توعدكم به يهود، فلا تسبقنكم إليه، فأجابوه فيما دعاهم إليه، بأن صدقوه وقبلوا منه ما عرض عليهم من الإِسلام.

وقالوا: إنا قد تركنا قومنا, ولا قوم بينهم من العداوة والشر ما بينهم، فعسى أن يجمعهم الله بك، فسنقدم عليهم، فندعوهم إلى أمرك، ونعرض عليهم الذي


(١) أخرجه البخاري في مناقب الأنصار باب مناقب الأنصار حديث رقم: ٣٧٧٧ فتح الباري: ٧/ ١١٠ أحمد في المسند: ٦/ ٦١ وانظر الفتح الرباني: ٢٠/ ٦٧.
(٢) قال الهيثمي في المجمع: ٦/ ٤٢ رواه الطبراني ورجاله ثقات، السيرة النبوية: ٢/ ٨١.
(٣) عَزّوهم: معناه: غلبوهم، ومنه قوله تعالى: ﴿وَعَزَّنِي فِي الْخِطَابِ﴾ (ص: آية ٢٣).

<<  <   >  >>