للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الفقهاء وبنوا عليها أحكامهم. كما أن بعضها ورد في مسند الإِمام أحمد، وسنن أبي داود، وابن ماجه والترمذي، وهذه النصوص جاءت من طرق مستقلة عن الطرق التي وردت منها الوثيقة.

وإذا كانت الوثيقة بمجموعها لا تصلح للاحتجاج بها في الأحكام الشرعية، سوى ما ورد منها من كتب الحديث الصحيح، فإنها تصلح أساسًا للدراسة التاريخية التي لا تتطلب درجة الصحة التي تقتضيها الأحكام الشرعية، خاصة وأن الوثيقة وردت من طرق عديدة تتضافر في إكسابها القوة، كما وأن الزهريّ علم كبير من الرواد الأوائل في كتابة السيرة النبوية، ثم إن أهم كتب السيرة والمصادر التاريخية ذكرت موادعة النبي ﷺ لليهود، وكتابته بينه وبينهم كتابًا، كما ذكرت كتابته كتابًا بين المهاجرين والأنصار.

وقد جاء عند ابن كثير في البداية والنهاية: ٤/ ١٠٣ - ١٠٤ نقلًا عن موسى ابن عقبة: (وفيه أن بني قريظة مزقوا الصحيفة التي كان فيها العقد". والأثر موقوف عليه بدون إسناد، ولكن مجموع الآثار يتقوى بعضها ببعض وتصل إلى درجة الحسن لغيره.

كذلك فإن أسلوب الوثيقة ينم عن أصالتها، فنصوصها مكونة من جمل قصيرة بسيطة وغير معتدة التركيب، ويكثر فيها التكرار، وتستعمل كلمات وتعابير كانت مألوفة في عصر الرسول ﵇، ثم قل استعمالها فيما بعد حتى أصبحت مغلقة على غير المتعمقين في دراسة تلك الفترة، وليس في هذه الوثيقة نصوص تمدح، أو تقدح فردًا، أو جماعة، أو تخص بالإطراء، أو الذم، لذلك يمكن القول بأنها وثيقة أصلية وغير مزورة، ثم إن التشابه الكبير بين أسلوب الوثيقة، وأساليب كتب النبي ﷺ الأخرى يعطيها توثيقًا آخر" (١).

ميثاق التحالف الإِسلامي:

وكما سبق ذكره تبين لنا أن رسول الله ﷺ قد عقد حلفًا بين المهاجرين والأنصار، وسأذكر بنود هذا الحلف من خلال الأحاديث الصحيحة الواردة في هذا الحلف:


(١) المجتمع المدني في عهد النبوة للدكتور أكرم ضياء العمري من صفحة: ١٠٧ - ١١٢ بتصرف قليل.

<<  <   >  >>