للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أتحرك، فقال لامرأته: والله لقد خالطه سهامي، ولو كان دابة لتحرك، فإذا أصبحت، فابتغى سهمي فخذيهما لا تمضغهما علي الكلاب.

قال: وأمهلناهم حتى راحت رائحتهم حتى إذا احتلبوا (١)، وعطنوا، أو سكنوا (٢)، وذهبت عتمة من الليل (٣) شننا عليهم الغارة (٤)، فقتلنا من قتلنا منهم، واستقنا النعم فوجهنا قافلين (٥) وخرج صريخ القوم إلى قومهم مغوثًا (٦)، وخرجنا سراعًا حتى نمر بالحارث بن البرصاء وصاحبه فانطلقنا به معنا، وأتانا صربخ الناس، فجاءنا ما لا قبل لنا به، حتى إذا لم يكن بيننا وبينهم إلا بطن الوادي أقبل سيل حال بيننا وبينهم بعثة الله تعالى من حيث شاء، ما رأينا قبل ذلك مطرًا ولا حالًا، فجاء بما لا يقدر أحد أن يقوم عليه، فلقد رأيناهم وقوفًا ينظرون إلينا ما يقدر أحد منهم أن يتقدم، ونحن نحوزها (٧) سراعًا، حتى أسندناها في المشلل (٨) ثم حددناها عنا فأعجزنا القوم بما في أيدينا" (٩).

المبحث العاشر: قصة محلم بن جثامة وقتله الرجل الذي جاء مسلمًا

٥٩٠ - من حديث عبد الله بن أبي حدرد قال: "بعثنا رسول الله إلى أضم، فخرجت في نفر من المسلمين فيهم أبو قتادة الحرث بن ربعي، ومحلم بن جثامة بن قيس، فخرجنا حتى إذا كنا ببطن إضم مر بنا عامر بن الأضبط الأشجعي على قعود له (١٠) مع متيع (١١) له ووطب (١٢) من لبن، فسلم علينا بتحية الإِسلام فأمسكنا عنه، وحمل عليه، مجلم بن جثامة، فقتله لشيء


(١) احتلبوا: حلبوا ماشيتهم.
(٢) سكنوا: قاموا.
(٣) عتمة من الليل: ذهبت مدة من ظلمة الليل.
(٤) شننا عليهم الغارة: فرقنا عليهم الجيوش في كل الجهات.
(٥) قافلين: راجعين.
(٦) مغوثًا: طالبًا الإغاثة والإعانة.
(٧) نحوزها: نسوق ما غنمناه، وملكناه من النعم.
(٨) المشلل: جبل يهبط منه إلى قديد.
(٩) أخرجه أحمد: ٣/ ٤٦٧ - ٤٦٨، ورواه أبو داود برقم: ٢٦٧٨، مختصرًا إلى قوله فوثقناه رباطًا ورجاله ثقات خلا مسلم بن عبد الله الجهني فإنه لم يوثقه غير ابن حبان. وقال الهيثمي في المجمع: ٦/ ٢٠٢ - ٢٠٣. رواه الطبراني، وأحمد، ورجاله ثقات، ففد صرح ابن إسحاق بالسماع من رواية الطبراني.
(١٠) مقود: البعير المتخذ للركوب.
(١١) متيع: تصغير متاع.
(١٢) ووطب: وعاء اللبن.

<<  <   >  >>