٢٣ - من حديث عبد الله بن جعفر ﵄: قال: "لما وُلد رسول الله ﷺ قدمت حليمة بنت الحارث، في نسوة من بني سعد بن بكر يلتمسون الرضعاء بمكة.
قالت حليمة: فخرجت في أوائل النسوة على أتان لي، قمراء، ومعي زوجي الحارث بن عبد العزى، أحد بني سعد بن بكر، ثم أحد بني ناضرة، قد أدمت أتاننا، ومعي بالركب شارف والله ما تبض بقطرة لبن، في سنة شهباء. قد جاع الناس حتى خلص إليهم الجهد، ومعي ابن لي، والله ما ينام ليلنا، وما أجد في يدي شيئًا أعلله به، إلا أنا نرجوا الغيث، وكانت لنا غنم، فنحن نرجوها.
فلما قدمنا مكة فما بقي منا أحد إلا عرض عليها رسول الله ﷺ فَكَرهَتْهُ، فقلنا: إنه يتيم، وإنما يكرم الظئر، ويحسن إليها الوالد، فقلنا: ما عسى أن تصنع بنا أمه أو عمه أو جده، فكلُّ صواحبي أخذ رضيعًا، فلما لم أجد غيره، رجعت إليه، وأخذته، والله ما أخذته إلا إني لم أجد غيره، فقلت لصاحبي: والله لآخذنَّ هذا اليتيم من بني عبد المطلب، فعسى الله أن ينفعنا به، ولا أرجع من بين صواحبي ولا آخذ شيئًا، فقال: قد أصبت.
قالت: فأخذته، فأتيت به الرَّحْلَ، فوالله ما هو إلا أن أتيت به الرَّحْلَ، فأمسيت أقبل ثدياي باللبن، حتى أرويته، وأرويت أخاه، وقام أبوه إلى شارفنا تلك يلمسها، فإذا هي حافل، فحلبها، فأرواني وروي، فقال: يا حليمة، تعلمين والله لقد أصبنا نسمة مباركة، ولقد أعطى الله عليها ما لم نتمنَّ، قالت: فبتنا بخير ليلة، شباعًا، وكنا لا ننام ليلنا مع صبينا.
ثم اغتدينا راجعين إلى بلادنا أنا وصواحبي، فركبت أتاني القمراء، فحملته معي، فوالذي نفس حليمة بيده لقطعَتْ الركب حتى أن النسوة ليقلن: أمسكي علينا، أهذه أتانك التي خرجت عليها؟ فقلت: نعم، فقالوا: إنها كانت أدمت حين أقبلنا فما شأنها؟ قالت، فقلت: والله حملت عليها غلامًا مباركًا.
قالت: فخرجنا، فما زال يزيدنا الله في كل يوم خيرًا، حتى قدمنا والبلاد سِنَةٌ، ولقد كان رعاتنا يسرحون ثم يريحون، فتروح أغنام بني سعد جياعًا، وتروح غنمي شباعًا، بِطانًا، حفلًا، فنحتلب، ونشرب، فيقولون: ما شأن