للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[المبحث العاشر: مشاركة الرسول في بناء الكعبة]

٤٠ - من حديث أبي الطفيل قال: "كانت الكعبة في الجاهلية مبنية بالرضم، وكانت قدر ما يفتحها العناقة، وكانت غير مسقوفة، إنما توضع ثيابها عليها ثم تسدل سدلًا عليها، وكان الركن الأسود موضوعًا على سورها تأدبًا، وكانت ذات ركنين كهيأة الحلقة.

فأقبلت سفينة من أرض الروم، حتى إذا كانوا قريبًا من جدة، تكسرت السفينة، فخرجت قريش ليأخذوا خشبها، فوجدوا روميًّا عندها، فأخذوا الخشب أعطاهم إياه.

وكانت السفينة تريد الحبشة، وكان الرومي الذي في السفينة نجارًا، فقدموا، وقدموا بالرومي، فقالت قريش: نبني بهذا الخشب الذي في السفينة بيت ربنا.

فلما أرادوا هدمه، إذا هم بحية على سور البيت مثل قطعة الحائر، سوداء الظهر، بيضاء البطن، فجعلت كلما دنا أحد إلى البيت ليهدمه أو يأخذ من حجارته، سعت إليه فاتحة فاها.

فاجتمعت قريش عند المقام، فعجُّوا إلى الله ﷿ فقالوا: ربنا لم ترع، أردنا تشريف بيتك، فإن كنت ترضى بذلك، وإلا فافعل ما بدا لك.

فسمعوا خوارًا في السماء، فهذا بطائر أسود الظهر، أبيض البطن والرجلين، أعظم من البشر، فغرز مخاليبه في رأس الحية، حتى انطلق بها يجر ذنبها، أعظم من كذا وكذا ساقطًا، فانطلق نحو أجياد، فهدمتها قريش، وجعلوا يبنونها بحجارة الوادي تحملها قريش على رقابها، فرفعوها في السماء عشرين ذراعًا.

فبينما النبي يحمل حجارة من أجياد، وعليه نمرة، فضاقت عليه النمرة، فذهب يضع النمرة على عاتقه، فتُرَى عورتُه من صغر النمرة، فنودي يا محمد، خَمِّر عورتك، فلم ير عريانًا بعد ذلك، وكان يرى بين بناء الكعبة وبين ما أنزل عليه خمس سنين، وبين مخرجه وبنيانها خمس عشرة سنة" (١).


(١) أخرجه الطبراني في الكبير بطوله، وأحمد طرفًا منه، ورجالهما رجال الصحيح كما قال الهيثمي في المجمع:٣/ ٢٨٩. انظر المطالب العالية: ٤/ ١٨٢ برقم: ٤٢٦٦، والفتح الرباني: ٢٠/ ١٩٨ - ١٩٩ والرضم: الصخور، والنمرة: الكساء المخطط.

<<  <   >  >>