للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بصحيفة فأمسكها فلن يزال الناس يجدون منه بأسًا ما دام في العيش خير).

قلت: هذه إحدى الثلاثة التي أوصاني بها صاحبي وأخذت سهمًا من جعبتي فكتبتها في جلد سيفي، ثم إنه ناول الصحيفة رجلًا عن يساره قلت: من صاحب كتابكم الذي يقرأ لكم؟ قالوا: معاوية. فهذا في كتاب صاحبي تدعوني إلى جنة عرضها السموات والأرض أعدت للمتقين فأين النار؟ فقال رسول الله : (سبحان الله أين الليل إذا جاء النهار؟) قال: فأخذت سهمًا من جعبتي، فكتبته في جلد سيفي، فلما أن فرغ من قراءة كتابي قال: (إن لك حقًّا، وإنك رسول، فلو وجدت عندنا جائزة جوَّزناك بها إنا سفر (١) مرملون).

قال: فناداه رجل من طائفة الناس قال: أنا أجوزه ففتح رحله فإذا هو يأتي بحلة صفورية فوضعها في حجري قلت: من صاحب الجائزة؟ قيل لي: عثمان، ثم قال رسول الله (أيكم ينزل هذا الرجل؟) فقال فتى من الأنصار: أنا، فقام الأنصاري وقمت معه حتى إذا خرجت من طائفة المجلس ناداني رسول الله فقال: (تعال يا أخاتنوخ). فأقبلت أهوي إليه حتى كنت قائمًا في مجلسي الذي كنت بين يديه فحل حبوته (٢) عن ظهره وقال: (ها هنا امض لما أمرت به)، فجلت في ظهره فإذا أنا بخاتم في موضع غضون الكتف (٣) مثل المحجمة الضخمة أيلة" (٤) (٥).

٢٤ - وفود ملك أيلة على رسول الله :

قد جاء ذكر وفود ملك إيلة على رسول الله من حديث أبي حميد الساعدي الذي سبق جزء منه وسأورده هنا كله حتى يستقيم المعنى في ذلك.

٧٤٨ - من حديث أبي حميد الساعدي قال: خرجنا مع رسول


(١) إنا سفر: أي مسافرون نفذ زادنا.
(٢) حل حبوته: ألقى بردة كانت على ظهر.
(٣) عضون الكتف: مكاسر الجلد.
(٤) المحجمة الضخمة: الآلة التي يجتمع بها دم الحجامة عند المص.
(٥) أخرجه أحمد في المسند: ٣/ ٤٤١ - ٤٤٢، وقال ابن كثير في السيرة: ٤/ ٢٧ - ٢٩، هذا حديث غريب، وإسناده لا بأس به تفرد به الإِمام أحمد، وأورده الهيثمي بنصه في المجمع وقال: رواه عبد الله ابن أحمد وأبو يعلى، ورجال أبي يعلى ثقات، ورجال عبد الله بن أحمد كذلك: ٨/ ٢٣٤ - ٢٣٦، انظر عبد الله بن أحمد في زوائده على المسند: ٤/ ٧٥، أبو يعلى حديث رقم: ١٥٩٧.

<<  <   >  >>