للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قال الحافظ ابن حجر في الفتح: "إن المبايعة فيها مطلقة، وقد أخبر سلمة بن الأكوع، وهو ممن بايع تحت الشجرة أنه بايع على الموت، فدل ذلك على أنه لا تنافي بين قولهم بايعوه على الموت، وعلى عدم الفرار، لأن المراد بالمبايعة على الموت أن لا يفروا ولو ماتوا، وليس المراد أن يقع الموت ولا بد، وهو الذي أنكره نافع وعدل إلى قوله (بل بايعهم على الصبر) أي على الثبات وعدم الفرار سواء أفضى بهم ذلك إلى الموت أم لا، والله أعلم" (١).

ويقول في موطن آخر: "وحاصل الجمع أن من أطلق أن البيعة كانت على الموت أراد لازمها؛ لأنه إذا بايع على أن لا يفر لزم من ذلك أن يثبت، والذي يثبت إما أن يغلب وإما أن يؤسر، والذي يؤسر إما أن ينجو وإما أن يموت، ولما كان الموت لا يؤمن في مثل ذلك أطلقه الراوي، وحاصله أن أحدهما حكى صورة البيعة، والآخر حكى ما تؤول إليه" (٢).

وقال الإِمام الترمذي في سننه في تعليقه على الحديث رقم: ١٥٩٣: ومعنى كلا الحديثين صحيح قد بايعه قوم من أصحابه على الموت وإنما قالوا: لا نزال بين يديك حتى نقتل وبايعه آخرون فقالوا: لا نفر) (٣).

[١٣ - إرسال سيد الأحابيش للتفاوض مع النبي]

٥٠٧ - من حديث المسور بن مخرمة ومروان بن الحكم الآنف الذكر " … فقال رجل من بني كنانة دعوني آتيه؟ فقالوا: ائته، فلما أشرف على النبي وأصحابه قال رسول الله : (هذا فلان: وهو من قوم يعظمون البدن، فابعثوها له)، فبعثت له، واستقبله الناس يلبون، فلما رأى ذلك قال: سبحان الله، ما ينبغي لهؤلاء أن يصدوا عن البيت، فلما رجع إلى أصحابه قال: رأيت البدن قد قلدت وأشعرت: فما أرى أن يصدوا عن البيت" (٤).

وقد صرح ابن إسحاق في روايته لهذا الحديث باسم ذلك الرجل، وإسناد ذلك الحديث صحيح، وها أنذا أسوق لفظه ذلك قال ابن إسحاق


(١) فتح الباري: ٦/ ١١٨، في كتاب الجهاد باب البيعة في الحرب على أن لا يفروا.
(٢) فتح الباري: ٧/ ٤٥٠، المغازي باب غزوة الحديبية، في التعليق على حديث سلمة رقم: ٤١٦٩.
(٣) سنن الترمذي السير باب بيعة النبي حديث رقم: ١٥٩٣.
(٤) انظر التعليق على الحديث ٤٨٨ فإنه جزء منه.

<<  <   >  >>