للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[المبحث الثاني: مشاهد من المعركة]

[١ - هزيمة المشركين في بداية المعركة]

٣٢٥ - من حديث الزبير بن العوام قال: "والله لقد رأيتني أنظر إلى خدم هند بنت عتبة وصواحبها مشمرات هوارب ما دون أخذهن قليل ولا كثير، إذ مالت الرماة إلى العسكر حين كشفنا القوم عنه، وخلوا ظهورنا للخيل، فأتينا من خلفنا، وصرخ صارخ ألا إن محمَّد قتل، فانكفأنا، وانكفأ علينا القوم بعد أن أصبنا أصحاب اللواء، حتى ما يدنوا منه أحد من القوم" (١).

وقد جاء بزيادة في رواية إسحاق بن راهوية عن الزبير فقال: "والله إني لأنظر يومئذ إلى خدم النساء مشمرات يسعين حين انهزم القوم، وما أرى دون أخذهن شيئًا، وإن لنحسبهم قتلى ما يرجع إلينا منهم أحد، ولقد أصيب أصحاب اللواء، وصبروا عنده حتى صار إلى عبد لهم حبشي يقال له (صواب)، ثم قتل صواب، فطرح اللواء فلم يقربه أحد من خلق الله، حتى وثبت إليه عمرة بنت علقمة الحارثية، فرفعته لهم، وثاب إليه الناس، قال: الزبير: فوالله إنا لكذلك قد علوناهم وظهرنا عليهم، إذ خالفت الرماة عن أمر الرسول فجعلوا يأخذون الأمتعة، فأتتنا الخيل فحطمتنا، وكر الناس منهزمين، فصرخ صارخ يرون أنه الشيطان: ألا إن محمدًا قد قتل. فأعظم الناس وركب بعضهم بعضًا فصاروا أثلاثًا: ثلثًا جريحًا، وثلثًا مقتولًا، وثلثًا منهزمًا، قد بلغت الحرب، وقد كانت الرماة اختلفوا فيما بينهم، فقالت طائفة: روا الناس وقعوا في الغنائم، وقد هزم الله المشركين وأخذ المسلمون الغنائم، فماذا تنتظرون؟ وقالت طائفة: قد تقدم إليكم رسول الله ونهاكم أن تفارقوا مكانكم إن كانت عليه أوله، فتنازعوا في ذلك، ثم إن الطائفة الأولى من الرماة أبت أن تلحق بالعسكر، فتفرق القوم، وتركوا مكانهم، فعند ذلك حملت خيل المشركين" (٢).


(١) أخرجه ابن إسحاق بإسناد صحيح انظر سيرة ابن هشام: ٢/ ٧٧، والبيهقي في الدلائل: ٣/ ٢٢٨، والطبري في تاريخه: ٢/ ٥١٣ عن طريق ابن إسحاق به.
* خدم: الخلاخيل روا: فعل أمر من رأى أي انظروا.
(٢) أخرجه إسحاق بن راهويه كما في المطالب العالية رقم: ٤٣١٣، وقال الحافظ ابن حجر هذا إسناد صحيح له شاهد من حديث البراء في الصحيح.

<<  <   >  >>