٦٤٢ - من حديث ابن عباس ﵄ وهو جزء من الحديث السابق وتكملة له قال: " … فقال أبو سفيان: خزاعة والله أقل وأذل من أن تكون هذه نيرانها وعسكرها فقلت: يا أبا حنظلة، تعرف صوتي؟ فقال: أبو الفضل؟ قلت: نعم، قال: ما لك فداك أبي وأمي؟ فقلت: هذا والله رسول الله في الناس، واصباح قريش! قال: فما الحيلة، فداك أبي وأمي؟ قال: قلت: والله لئن ظفر بك ليضربن عنقك، فاركب عجز هذه البغلة، فركب، ورجع صاحباه، فخرجت به فكلما مررت بنار من نيران المسلمين، فقالوا: ما هذا؟ فإذا رأوا بغلة رسول الله ﷺ عليها عمه قالوا: هذه بغلة رسول الله ﷺ عليها عمه، حتى مررنا بنار عمر بن الخطاب فقال: من هذا؟ وقام إلي فلما رآه على عجز البغلة عرفه، فقال: والله عدو الله، الحمد لله الذي أمكن منك، فخرج يشتد نحو رسول الله ﷺ ودخل، ورفعت البغلة فسبقته بقدر ما تسبق الدابة البطيئة الرجل البطيء، فاقتحمت عن البغلة، فدخلت على رسول الله ﷺ ودخل عمر.
فقال: هذا عدو الله أبو سفيان قد أمكن الله منه، في غير عهد ولا عقد، فدعني أضرب عنقه، فقلت: قد أجرته يا رسول الله، ثم جلست إلى رسول الله ﷺ فأخذت برأسه، فقلت: والله لا يناجيه الليلة رجل دوني، فلما أكثر عمر، قلت: مهلًا يا عمر، فوالله لو كان رجلًا من بني عدي ما قلت هذا، ولكنه من بني عبد مناف، فقال: مهلًا يا عباس، لا تقل هذا، فوالله لإسلامك حين أسلمت كان أحب إلي من إسلام الخطاب أبي لو أسلم، وذلك أني عرفت أن إسلامك أحب إلى رسول الله من إسلام الخطاب، فقال رسول الله ﷺ:(يا عباس اذهب به إلى رحلك، فهذا أصبحت فائتنا به).
فذهبت به إلى الرحل، فلما أصبحت غدوت به، فلما رآه رسول الله ﷺ قال:(ويحك يا أبا سفيان، ألم يأن لك أن تعلم أن لا إله إلا الله؟) فقال: بأبي وأمي ما أحلمك، وأكرمك، وأوصلك، وأعظم عفوك، لقد كاد أن يقع في نفسي أن لو كان إله غيره لقد أغنى شيئًا بعد، فقال:(ويحك يا أبا سفيان: ألم يأن لك أن تعلم أني رسول الله؟) فقال: بأبي وأمي ما أحلمك، وأكرمك وأوصلك، وأعظم عفوك، أما هذا فكان في النفس منها حتى الآن شيء.