للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

المبحث الثالث عشر: عبد الله بن أبي وإيذاؤه للنبي

٢٠٣ - من حديث أسامة بن زيد قال: "إن النبي ركب حمارًا، عليه إكاف تحته قطيفة فدكيه، وأردف وراءه أسامة، وهو يعود سعد بن عبادة في بني الحارث بن الخزرج. وذاك قبل وقعة بدر، حتى مر بمجلس فيه أخلاط من المسلمين والمشركين عبدة الأوثان، واليهود، فيهم عبد الله بن أبي، وفي المجلس عبد الله بن رواحة، فلما غشيت المجلس عجاجة الدابة، خمَّر عبد الله بن أبي أنفه بردائه ثم قال: لا تغبروا علينا.

فسلم عليهم النبي ثم وقف فنزل، فدعاهم إلى الله وقرأ عليهم القرآن. فقال عبد الله بن أبي: أيها المرء! لا أحسن من هذا، إن كان ما تقول حقًّا، فلا تؤذنا في مجالسنا، وارجع إلى رحلك فمن جاءك فاقصص عليه.

فقال عبد الله بن رواحة: اغشنا في مجالسنا، فإنا نحب ذلك، قال: فاستب المسلمون والمشركون واليهود، حتى هموا أن يتواثبوا. فلم يزل النبي يخفضهم، ثم ركب دابته حتى دخل على سعد بن عبادة، فقال: (أي سعد ألم تسمع إلى ما قال أبو حباب؟) -ويريد عبد الله بن أبي- (قال كذا وكذا) قال: اعف عنه يا رسول الله واصفح. فوالله! لقد أعطاك الله الذي أعطاك ولقد اصطلح أهل هذه البحيرة أن يتوجوه، فيعصبوه بالعصابة، فلما رد الله ذلك بالحق الذي أعطاكه، شرق بذلك، فذلك فعل به ما رأيت، فعفا عنه النبي " (١).


(١) أخرجه البخاري في التفسير باب ولتسمعن من الذين أوتوا الكتاب … رقم: ٤٥٦٦، ومسلم في الجهاد والسير باب في دعاء النبي وصبره على أذى المنافقين رقم: ١٧٩٨.
* أكاف: هو للحمار بمنزلة السرج للفرس، قطيفة: دثار مخمل.
* عجاجة الدابة: ما ارتفع من غبار حوافرها. خمَّر أنفه: غطاه. يخفضهم: يسكنهم ويسهل الأمر بينهم شرق بذلك: غص ومعناه حسد النبي.

<<  <   >  >>