٧٠ - من حديث ابن عباس ﵄ قال: "لما بلغ أبا ذر مبعث النبي ﷺ قال لأخيه: اركب إلى هذا الوادي، فاعلم لي علم هذا الرجل الذي يزعم أنه نبي يأتيه الخبر من السماء، واسمع من قوله، ثم ائتني. فانطلق الأخ حتى قدمه وسمع من قوله، ثم رجع إلى أبي ذر فقال له: رأيته يأمر بمكارم الأخلاق، وكلامًا ما هو بالشعر. فقال: ما شفيتني مما أردت. فتزود، وحمل سنة له فيها ماء، حتى قدم مكة، فأتى المسجد، فالتمس رسول الله ﷺ ولا يعرفه، وكره أن يسأل عنه، حتى أدركه بعض الليل (اضطجع)، فرآه علي فعرف أنه غريب، فلما رآه تبعه، فلم يسأل واحدًا صاحبه عن شيء حتى أصبح، قام احتمل قربته وزاده إلى المسجد، وظلَّ ذلك اليوم، ولا يراه النبي ﷺ حتى أمسى، فعاد إلى مضجعه، فمر به عليٌّ فقال: أما آن للرجل أن يعلم منزله؟ فأقامه، فذهب به معه، لا يسأل واحد منهما صاحبه عن شيء، حتى إذا كان يوم الثالث فعاد علي على مثل ذلك، فأقام معه، فقال: ألا تحدثني ما الذي أقدمك؟
قال: إن أعطيتني عهدًا وميثاقًا لترشدني فعلت. ففعل، فأخبره. قال: فإنه حقٌّ، وهو رسول الله ﷺ، فإذا أصبحت فاتبعني، فإني إن رأيت شيئًا أخاف عليك قمت كأني أريق الماء، فإن مضيت فاتبعني حتى تدخل مدخلي.
ففعل، فانطلق يقفوه (١)، حتى دخل على النبي ﷺ، ودخل معه، فسمع من قوله، وأسلم مكانه.
فقال له النبي ﷺ: ارجع إلى قومك فأخبرهم حتى يأتيك أمري. قال: والذي نفسي بيده لأصرخن بها بين ظهرانيهم.
فخرج حتى أتى المسجد، فنادى بأعلى صوته: أشهد أن لا إله إلا الله، وأن محمدًا رسول الله، ثم قام القوم فضربوه حتى أوجعوه. وأتى العباس فأكب علي، قال: ويلكم ألستم تعلمون أنه من غفار، وأن طريق تجارتكم إلى الشام؟ فأنقذه منهم.