للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[٥ - مفاتحة الرسول لعائشة وجوابها له]

وقد لبث شهرًا لا يوحى إليه في شأني بشيء، قالت: فشهد رسول الله ثم قال: (أما بعد يا عائشة فإنه قد بلغني عنك كذا وكذا (١). فإن كنت بريثة فسيبرئك الله، وإن كنت ألممت بذنب فاستغفري الله وتوبي إليه، فإن العبد إذا اعترف بذنب ثم تاب، تاب الله عليه).

قالت: فلما قضى رسول الله مقالته، قلص دمعي (٢) حتى ما أحس منه قطرة، فقلت لأبي: أجب عني رسول الله فيما قال، فقال: والله ما أدري ما أقول لرسول الله ، فقلت لأمي: أجيبي عني رسول الله ، فقالت: والله ما أدري ما أقول لرسول الله .

فقلت: وأنا جارية حديثة السن لا أقرأ كثيرًا من القرآن، إني والله لقد عرفت أنكم قد سمعتم بهذا حتى استقر في نفوسكم، وصدقتم به، فإن قلت لكم: إني بريئة -والله يعلم أني بريئة- لا تصدقوني بذلك، ولئن اعترفت لكم بأمر -والله يعلم أني بريئة- لتصدقونني، وإني والله ما أجد لي ولكم مثلًا إلا كما قال أبو يوسف: ﴿فصبر جميل والله المستعان على ما تصفون﴾.

قالت: ثم تحولت فاضجعت على فراشي، قالت: وأنا والله حينئذ أعلم أني بريئة، وأن الله مبرئي ببرائتي، ولكن والله ما كنت أظن أن ينزل في شأني وحي يتلى، ولشأني كان أحقر في نفسي من أن يتكلم الله ﷿ في بأمر يتلى، ولكني كنت أرجو أن يرى رسول الله في النوم رؤيا يبرئني الله بها.

[٦ - نزول الوحي ببراءة عائشة]

قالت: فوالله ما رام (٣) رسول الله مجلسه، ولا خرج من أهل البيت أحد حتى أنزل الله ﷿ على نبيه ، فأخذه ما كان يأخذه من


(١) كذا وكذا: كناية عما رميت به من الإفك.
(٢) قلص دمعي: ارتفع وذهب.
(٣) ما رام: ما برح وما فارق مجلسه.

<<  <   >  >>