للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[المبحث الرابع عشر: كتب الرسول إلى الملوك والزعماء]

كان من هدي نبينا أنه لا يبدأ أحدًا بقتال إلا إذا بلغه الدعوة، ودعاه إلى الله تعالى، وقد اتبع رسول الله هذا المنهج التزامًا بأوامر الله تعالى له، اتبع هذا المنهج مع جميع من حاربهم من القبائل العربية، واتبع هذا المنهح مع ملوك الأرض وأباطرتها في عصره، فدعاهم إلى الله تعالى، فأرسل إليهم رسله، وبعث إليهم كتبه يدعوهم إلى الله تعالى، ولم يستثن أحدًا منهم.

٦٠٦ - من حديث أنس بن مالك : "أن نبي الله كتب إلى كسرى وإلى قيصر، وإلى النجاشي وإلى كل جبار، يدعوهم إلى الله تعالى، وليس النجاشي الذي صلى عليه النبي " (١).

[١ - رسالته إلى هرقل ملك الروم]

٦٠٧ - من حديث ابن عباس : "أن أبا سفيان أخبره من فيه إلى فيه قال: "انطلقت في المدة التي كانت بيني وبين رسول الله . قال: فبينما أنا بالشام، إذ جيء بكتاب من رسول الله إلى هرقل: يعني عظيم الروم. قال: وكان دحية الكلبي جاء به، فدفعه إلى عظيم بصرى (٢)، فدفعه عظيم بصرى إلى هرقل.

فقال هرقل: هل ها هنا أحد من قوم هذا الرجل الذي يزعم أنه نبي؟ قالوا: نعم. قال: فدعيت في نفر من قريش، فدخلنا على هرقل. فأجلسنا بين يديه. فقال: أيكم أقرب نسبًا من هذا الرجل الذي يزعم أنه نبي؟ فقال أبو سفيان: فقلت: أنا. فأجلسوني بين يديه. وأجلسوا أصحابي خلفي. ثم دعا بترجمانه فقال له: قل لهم: إني سائل هذا عن الرجل الذي يزعم أنه نبي، فإن كذبني فكذبوه، قال: فقال أبو سفيان: وأيم الله! لولا مخافة أن يؤثر علي الكذب لكذبت.


(١) أخرجه مسلم في الجهاد والسير باب كتب النبي إلى ملوك الكفار يدعوهم إلى الله ﷿ حديث رقم: ١٧٧٤، الترمذي في الاستئذان باب في مكانة المشركين رقم: ٢٧١٦، وقال: حديث حسن صحيح غريب، والنسائي في السنن الكبرى كتاب السير كما أشار إليه في تحفة الأشراف. الحافظ المزي حديث ١١٧٩، والبيهقي في الدلائل: ٤/ ٣٧٦.
(٢) بصرى: منطقة حوران وهي منطقة ذات قلاع وأعمال قريبة من طرف البرية التي بين الشام والحجاز، والمراد بعظيم بصرى: أميرها، وحوران الآن هي منطقة جنوب سورية وجزء من شمال الأردن وشمال فلسطين.

<<  <   >  >>