للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[٢٦ - قصة أبي جندل بن سهيل بن عمرو]

٥٢٤ - من حديث مروان بن الحكم والمسور بن مخرمة الذي في الصحيح، وسبقت منه أجزاء متعددة في أماكن شتى من هذه الغزوة وأشير إليها في أمكنتها، ومما جاء فيها أنهم في أثناء كتابتهم لبنود الاتفاقية جاء أبو جندل بن سهيل بن عمرو، فطالب والده برده التزامًا بالشروط " … فبينما هم كذلك إذ دخل أبو جندل بن سهيل بن عمرو يرصف في قيوده (١)، وقد خرج من أسفل الكعبة حتى رمى بنفسه بين أظهر المسلمين، فقال سهيل: هذا يا محمَّد أول ما أقاضيك عليه أن ترده إلي.

فقال النبي : (إنا لم نقض الكتاب بعد) (٢)، قال: فوالله إذا لم أصالحك على شيء أبدًا قال النبي : (فأجزه لي)، قال: ما أنا بمجيزه لك، قال: (بلى فافعل)، قال: ما أنا بفاعل، قال مكرز: بل قد أجزناه لك. قال أبو جندل: أي معشر المسلمين أرد إلى المشركين قد جئت مسلمًا؟ ألا ترون ما لقيت؟ وكان قد عذب عذابًا شديدًا في الله" (٣).

وفي الطريق الآخر عند الإِمام أحمد وابن إسحاق زيادة لطيفة أوردها هنا، وهي أيضًا من طريق مروان بن الحكم والمسور بن مخرمة " … فبينما رسول الله يكتب الكتاب إذا جاءه أبو جندل بن سهيل بن عمرو في الحديد قد انفلت إلى رسول الله وقال: وقد كان أصحاب رسول الله خرجوا وهم لا يشكون في الفتح لرؤيا رآها رسول الله ، فلما رأوها رأوا من الصلح والرجوع، وما تحمل رسول الله على نفسه دخل الناس من ذلك أمر عظيم حتى كادوا أن يهلكوا، فلما رأى سهيل أبا جندل قام إليه فضرب وجهه ثم قال: "يا محمَّد قد لجت القضية (٤) بيني وبينك قبل أن يأتيك هذا"، قال: (صدقت)، فقام إليه، فأخذ بتلبيبه (٥).

قال: وصرخ أبو جندل بأعلى صوته يا معاشر المسلمين أتردونني إلى أهل


(١) يرصف في قيوده: يمشي بطيئًا بسبب قيوده.
(٢) إنا لم نقض الكتاب بعد: أي لم نفرغ من كتابته.
(٣) انظر تخريجه حديث رقم: ٤٨٨.
(٤) لجت القضية: وجبت.
(٥) تلبيبة: يقال أخذت بتلبيب فلان: إذا جمعت عليه ثوبه الذي هو لابسه وقبضت عليه ....

<<  <   >  >>