للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[الفصل الخامس الأحداث والوقائع بين أحد والخندق]

[المبحث الأول: غزوة حمراء الأسد]

قال ابن إسحاق: "كان يوم أحد، يوم بلاء ومصيبة وتمحيص، اختبر الله به المؤمنين، ومحن به المنافقين، فمن كان يظهر الإيمان بلسانه، وهو مستخف بالكفر في قلبه، ويومًا أكرم الله فيه من أراد كرامته بالشهادة من أهل ولايته" (١).

وبعد انتهاء غزوة أحد، ورحيل قريش جاءت الأخبار إلى المدينة بأن قريشًا تريد العودة لتستأصل المسلمين في مدينتهم، فما كان من القائد القدوة محمَّد إلا أن دعا أصحابه للخروج لتعقب قريش، وزرع الخوف في قلب من يفكر بالاعتداء على المدينة الآمنة الطيبة، وشرط رسول الله أن لا يخرج معه إلا من خرج معه لأحد، وهنا وفي هذا المقام تتجلى صور التضحية والبذل، حيث يخرج أصحاب النبي، والكثير منهم قد أصيب بالجراحات المتعددة، ولكن في سبيل الله تهون كل المصاعب، ولندع أصحاب رسول الله يروون بعض هذه المشاهد:

٣٩٢ - من حديث عائشة : كما روى عنها عروة بن الزبير في قوله تعالى: ﴿الَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِلَّهِ وَالرَّسُولِ مِنْ بَعْدِ مَا أَصَابَهُمُ الْقَرْحُ لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا مِنْهُمْ وَاتَّقَوْا أَجْرٌ عَظِيمٌ﴾ قالت لعروة: يا ابن أختي كان أبواك منهم: الزبير وأبو بكر، لما أصاب رسول الله ما أصاب يوم أحد وانصرف عنه المشركون خاف أن يرجعوا، قال: (من يذهب في إثرهم؟) فانتدب منهم سبعون رجلًا، قال: كان فيهم أبو بكر والزبير (٢).

وقال ابن كثير عقب ذكر هذا الحديث: "وهذا السياق غريب جدًّا، فإن المشهور عند أصحاب المغازي أن الذين خرجوا مع رسول الله إلى حمراء الأسد كل


(١) سيرة ابن هشام: ٢/ ١٠٥.
(٢) أخرجه البخاري في المغازي باب الذين استجابوا لله والرسول رقم: ٤٠٧٧، مسلم في صحيحه في فضائل الصحابة باب من فضائل طلحة والزبير: ٢٤١٨، باختصار، وابن ماجه في المقدمة وفي فضائل الزبير رقم: ١٢٤، والحاكم في المستدرك: ٤/ ٢٩٨ وقال صحيح الإسناد ووافقه الذهبي.

<<  <   >  >>