قال القرطبي في تفسير قوله تعالى: ﴿الَّذِينَ اتَّبَعُوهُ فِي سَاعَةِ الْعُسْرَةِ﴾: "أي وقت العسرة والمراد جميع أوقات تلك الغزوة، ولم يرد ساعة بعينها، وقيل: ساعة العسرة أشد الساعات التي مرت بهم في تلك الغزاة. والعسرة صعوبة الأمر.
قال جابر: اجتمع عليهم عسرة الظهر، وعسرة الزاد، وعسرة الماء. قال الحسن: كانت العشرة من المسلمين يخرجون على بعير يعتقبونه بينهم، وكان زادهم التمر المتسوس والشعير المتغير والإهالة المنتنة، وكان النفر يخرجون ما معهم -إلا التمرات بينهم، فهذا بلغ الجوع من أحدهم أخذ التمر فلاكها حتى جيد طعمها، ثم يعطيها صاحبه حتى يشرب عليها جرعة من ماء كذلك حتى تأتي على آخرهم، فلا يبقى من التمرة إلا النواة. فمضوا مع النبي ﷺ على صدقهم ويقينهم ﵃. وقال عمر ﵁ وقد سئل عن ساعة العسرة: خرجنا في قيظ شديد، فنزلنا منزلًا أصابنا فيه عطش شديد حتى ظننا أن رقابنا ستنقطع من العطش، وحتى إن الرجل لينحر بعيره، فيعصر فرثه، فيشربه، ويجعل ما بقي على كبده. فقال أبو بكر: يا رسول الله، إن الله قد عودك في الدعاء خيرًا، فادع لنا. قال:(أتحب ذلك)، قال: نعم، فرفع يديه، فلم يرجعهما حتى أظلت السماء ثم سكبت فملأوا ما معهم، ثم ذهبنا ننظر فلم نجدها جاوزت العسكر.
وروى أبو هريرة وأبو سعيد قالا: كنا مع النبي ﷺ في غزوة تبوك، فأصاب الناس مجاعة وقالوا: يا رسول الله، لو أذنت لنا، فنحرنا نواضحنا، فأكلنا وادهنا. فقال رسول الله ﷺ:(افعلوا)، فجاء عمر وقال: يا رسول الله إن فعلوا قل الظهر، ولكن ادعهم بفضل أزوادهم، فادع الله عليها بالبركة لعل الله أن يجعل في ذلك البركة. قال:(نعم)، ثم دعا بنطع فبسط، ثم دعا بفضل الأزواد، فجعل الرجل يجيء بكف ذرة، ويجيء الآخر بكف تمر، ويجيء الآخر بكسرة حتى اجتمع النطع من ذلك شيء يسير.
قال أبو هريرة: فحزرته فإذا هو قدر ربضة العنز، فدعا رسول الله ﷺ بالبركة، ثم قال:(خذوا في أوعيتكم)، فأخذوا في أوعيتهم حتى والذي لا إله