١٦ - من حديث علي بن أبي طالب كرم الله وجهه- قال: "قال عبد المطلب: إني لنائم في الحجر إذ أتاني آت فقال لي: احفر طيبة. قلت: وما طيبة؟ قال: ثم ذهب عني.
قال: فلما كان الغد رجعت إلى مضجعي، فنمت فيه، فجاءني فقال: احفر برَّة، قال: قلت وما برَّة؟ قال: ثم ذهب عني.
فلما كان الغد رجعت إلى مضجعي فنمت فيه، فجاءني. فقال: احفر المضنونة. قال: قلت: وما المضنونة؟ قال: ثم ذهب عني.
فلما كان الغد رجعت إلى مضجعي، فنمت فيه. فجاءني فقال: احفر زمزم. قال: قلت: وما زمزم؟ قال: لا تنزف أبدًا، ولا تذم، تسقي الحجيج الأعظم، وهي بين الفرث والدم، عند نقرة الغراب الأعصم، عند قرية النمل.
قال: فلما بين شأنها، ودلَّ على موضعها، وعرف أنه قد صدق، غدا بمعوله ومعه ابنه الحارث بن عبد المطلب، وليس معه يومئذ ولد غيره، فحفر فيها، فلما بدا لعبد المطلب الطيُّ كبَّرَ، فعرفت قريش أنه قد أدرك حاجته، فقاموا إليه فقالوا: يا عبد المطلب إنها بئر أبينا إسماعيل، وإنَّ لنا فيها حقًّا، فأشركنا معك فيها. قال: ما أنا بفاعل، إن هذا الأمر قد خصصت به دونكم، وأعطيته من بينكم. قالوا له: فأنصفنا، فإنا غير تاركيك حتى نخاصمك فيها، قال: فاجعلوا بيني وبينكم من شئتم أحاكمكم إليه. قالوا: كاهنة بني سعد بن هذيم، قال: نعم، وكانت بأشراف الشام.
فركب عبد المطلب ومعه نفر من بني أمية، وركب من كل قبيلة من قريش نفر، فخرجوا والأرض إذ ذاك مفاوز، حتى إذا كانوا ببعضها نفد ماء عبد المطلب وأصحابه، فعطشوا حتى استيقنوا بالهلكة، فاستسقوا من كانوا معهم فأبوا عليهم،