[الفصل الأول الأحداث والوقائع من قدوم النبي المدينة إلى غزوة بدر]
[المبحث الأول: قدوم النبي ﷺ المدينة]
١٦٩ - من حديث ابن شهاب عن عروة بن الزبير: "أن رسول الله ﷺ لقي الزبير في ركب من المسلمين كانوا تجارًا قافلين من الشام، فكسا الزبير رسول الله وأبا بكر ثياب بياض، ويسمع المسلمون بالمدينة مخرج رسول الله ﷺ من مكة، فكانوا يفدون كل غداة إلى الحرة، فينتظرونه حتى يردهم حر الظهيرة، فانطلقوا أيضًا بعدما أطالوا انتظارهم.
فلما آووا إلى بيوتهم، أوفى رجل من اليهود على أطم من آطامهم لأمر ينظر إليه، فبصر برسول الله وأصحابه مبيضين، يزول بهم السراب، فلم يملك اليهودي أن قال بأعلى صوته: يا معاشر العرب، هذا جدكم الذي تنتظرون، فثار المسلمون إلى السلاح، فتلقوا رسول الله ﷺ بظهر الحرة، فعدل بهم ذات اليمين حتى نزل في بني عمرو بن عوف، وذلك يوم الاثنين من شهر ربيع الأول. فقام أبو بكر للناس، وجلس رسول الله ﷺ صامتًا، فطفق من جاء من الأنصار ممن لم ير رسول الله ﷺ، يحيي أبا بكر، حتى أصابت الشمس رسول الله ﷺ، فأقبل أبو بكر حتى ظلل عليه بردائه، فعرف الناس رسول الله ﷺ عند ذلك.
فلبث رسول الله ﷺ في بني عمرو بن عوف بضع عشرة ليلة، وأسس المسجد الذي أسس على التقوى، وصلى فيه رسول الله ﷺ، ثم ركب راحلته، فسار يمشي معه الناس حتى بركت عند مسجد الرسول ﷺ بالمدينة، وهو يصلي فيه يومئذ رجال من المسلمين وكان مربدًا للتمر لسهيل وسهل غلامين يتيمين في حجر أسعد بن زرارة.
فقال رسول الله ﷺ حين بركت به راحلته: هذا إن شاء الله المنزل، ثم دعا