للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قالها خوفًا من السلاح. قال: (أفلا كشفت عن قلبه حتى تعلم أقالها أم لا) فما زال يكررها علي حتى تمنيت أني أسلمت يومئذ.

قال: فقال سعد -يعني سعد ابن أبي وقاص-: "وأنا والله لا أقتل مسلمًا حتى يقتله ذو البطن يعني أسامة قال: قال رجل: ألم يقل الله: ﴿وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة ويكون الدين كله لله﴾ الأنفال آية (٣٩) فقال سعد: قد قاتلنا حتى لا تكون فتنة، وأنت وأصحابك تريدون أن تقاتلوا حتى تكون فتنة" (١) اللفظ لمسلم.

[المبحث التاسع: سرية غالب بن عبد الله الليثي لبني الملوح بالكديد]

٥٨٩ - من حديث جندب بن مكيث الجهني: قال: "بعث رسول الله غالب بن عبد الله الكلبي كلب ليث، إلى بني ملوح بالكديد (٢)، وأمره أن يغير عليهم، فخرج فكنت في سريته، فمضينا حتى إذا كنا بقديد (٣) لقينا بها الحارث ابن مالك، وهو ابن البرصاء الليثي، فأخذناه فقال: إنما جئت لأسلم، فقال غالب ابن عبد الله: إن كنت إنما جئت مسلمًا، فلن يضرك رباط يوم وليلة، وإن كنت غير ذلك استوثقنا منك. قال فأوثقه رباطًا، ثم خلف عليه رجلًا أسود كان معنا، فقال امكث معه حتى نمر عليك، فإن نازعك، فاحتز رأسه، قال: ثم مضينا حتى أتينا بطن الكديد، فنزلنا عشيشية بعد العصر، فبعثني أصحابي في ربيئة (٤)، فعمدت إلى تل يطلعني على الحاضر، فانبطحت عليه وذلك المغرب، فخرج رجل منهم، فنظر فرآني منبطحًا على التل، فقال لامرأته: والله إني لأرى على التل سوادًا ما رأيته أول النهار، فانظري لا تكون الكلاب اجترت بعض أوعيتك.

قال: فنظرت، فقالت: لا والله ما أفقد شيئًا، قال: فناوليني قوسي وسهمين من كنانتي، قال: فناولته فرماني بسهم فوضعه في جنبي، قال: فنزعته فوضعته، ولم أتحرك، ثم رماني بآخر فوضعه في رأس منكبي، فنزعته، ووضعته، ولم


(١) أخرجه البخاري في المغازي باب بعث النبي أسامة بن زيد إلى الحرقات: ٤٢٦٩، وانظر: ٦٨٧٢، ومسلم في الإيمان باب تحريم قتل الكافر إذا قال لا إله إلا الله رقم: ٩٦، وأبو داود في الجهاد باب على ما يقاتل المشركون: ٢٦٤٣، وأحمد في المسند: ٥/ ٢٠٧.
(٢) بن ملوح بالكديد: ماء بين الحرمين الشريفين.
(٣) قديد: موضع بين مكة والمدينة.
(٤) ربيئة: العين والطليعة.

<<  <   >  >>