للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

١٤٤ - ومن حديث كعب بن مالك وسياقه أطول وتفصيله أكثر: وكان ممن شهد العقبة وبايع رسول الله قال: "خرجنا في حجاج قومنا من المشركين، وقد صلينا وفقهنا، معنا البراء بن معرور، كبيرنا وسيدنا، فلما توجهنا لسفرنا، وخرجنا من المدينة، قال البراء لنا: يا هؤلاء إني قد رأيت رأيًا، وإني والله ما أدري توافقوني عليه أم لا؟ قلنا له: وما ذاك؟

قال: إني قد رأيت أن أدع هذه البنية حتى تظهر، يعني الكعبة، وأن أصلي إليها، قال: فقلنا والله بلغنا أن نبينا يصلي إلا إلى الشام، وما نريد أن نخالفه، قال: فقال: إني لمصل إليها. قال: فقلنا له: لكنا لا نفعل قال: فكنا إذا حضرت الصلاة صلينا إلى الشام وصلى هو إلى الكعبة، حتى قدمنا مكة.

قال: وكنا قد عتبنا عليه، وأبي إلا الإقامة عليه، فلما قدم مكة قال لي: يا ابن أخي انطلق بنا إلى رسول الله ، حتى نسأله عما صنعت في سفري هذا، فإنه والله لقد وقع في نفسي منه شيء، لما رأيت من خلافكم إياي فيه.

قال: فخرجنا نسأل عن رسول الله ، وكنا لا نعرفه، ولم نره قبل ذلك فلقينا رجلًا من أهل مكة، فسألناه عن رسول الله فقال: هل تعرفانه؟ فقلنا: لا قال: فهل تعرفان العباس بن عبد المطلب عمه؟

قال: قلنا: نعم، قال: وقد كنا نعرف العباس -كان لا يزال يقدم علينا تاجرًا قال: فإذا دخلتما المسجد فهو الرجل الجالس مع العباس. قال: فدخلنا المسجد فهذا العباس جالس، ورسول الله جالس معه، فسلمنا ثم جلسنا إليه، فقال رسول الله للعباس: هل تعرف هذين الرجلين يا أبا الفضل؟

قال: نعم، هذا البراء بن معرور سيد قومه، وهذا كعب بن مالك.

قال: فوالله ما أنسى قول رسول الله : الشاعر؟ قال: نعم، فقال له البراء بن معرور: يا نبي الله إني خرجت في سفري هذا، وقد هداني الله للإسلام، فرأيت أن لا أجعل هذه البنية مني بظهر، فصليت إليها، وقد خالفني أصحابي في ذلك، حتى وقع في نفسي من ذلك شيء، فماذا ترى يا رسول الله؟

قال: قد كنت على قبلة لو صبرت عليها. قال: فرجع البراء إلى قبلة رسول الله ، وصلى معنا إلى الشام. قال: وأهله يزعمون أنه صلى إلى الكعبة

<<  <   >  >>