للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

من أخذ رأيهم وسأنقل وصف مشهد المشاورة كما وصفها الصحابة رضوان الله عليهم.

٢٣٣ - من طريق ابن إسحاق بسنده الصحيح إلى ابن عباس في رواية أحداث بدر يقول ابن عباس : " … وأتاه الخبر عن قريش بمسيرهم ليمنعوا عيرهم، فاستشار الناس، وأخبرهم عن قريش، فقام أبو بكر الصديق، فقال وأحسن. ثم قام عمر بن الخطاب، فقال وأحسن، ثم قام المقداد بن عمرو فقال: يا رسول الله، امضي لما أراك الله، فنحن معك، والله لا نقول كما قالت بنو إسرانيل لموسى ﴿اذهب أنت وربك فقاتلا إنا ها هنا قاعدون﴾ ولكن اذهب أنت وربك فقاتلا إنا معكما مقاتلون، فوالذي بعثك بالحق لو سرت بنا إلى برك الغماد لجالدنا معك من دونه حتى تبلغه، فقال له رسول الله خيرًا، ودعا له به.

ثم قال رسول الله : (أشيروا علي أيها الناس)، وإنما يريد الأنصار، وذلك أنهم عدد الناس، وأنهم حين بايعوه بالعقبة قالوا: يا رسول الله: إنا برآء من ذمامك حتى تصل إلى ديارنا، فهذا وصلت إلينا، فأنت في ذمتنا، نمنعك مما نمنع منه أبناءنا ونساءنا، فكان رسول الله يتخوف ألا تكون الأنصار ترى عليها نصره إلا ممن دهمه بالمدينة من عدوه، وأن ليس عليهم أن يسير بهم إلى عدو في بلادهم.

فلما قال ذلك رسول الله ، قال سعد بن معاذ: والله لكأنك تريدنا يا رسول الله؟ قال: (أجل). قال: فقد آمنا بك وصدقناك، وشهدنا أن ما جئت به هو الحق، وأعطيناك على ذلك عهودنا ومواثيقنا، على السمع والطاعة، فامض يا رسول الله لما أردت فنحن معك، فوالذي بعثك بالحق، لو استعرضت بنا هذا البحر فخضته لخضناه معك، ما تخلف منا رجل واحد، وما نكره أن تلقى بنا عدونا غدًا، إنا لصبر في الحرب، صدق عند اللقاء، لعل الله يريك منا ما تقر به عينك، فسر بنا على بركة الله، فسرَّ رسول الله بقول سعد ونشطه ذلك، ثم قال: (سيروا وابشروا، فإن الله تعالى قد وعدني إحدى الطائفتين، والله لكأني أنظر إلى مصارع القوم) (١).


(١) أخرجه ابن هشام في السيرة: ١/ ٦١٤ - ٦١٥، بإسناد صحيح وقد صرح ابن إسحاق بالسماع، وأخرجه الطبراني وإسناده حسن كما في المجمع: ٦/ ٧٣، والبيهقي في دلائل النبوة: ٣/ ٣٢، وقال ابن =

<<  <   >  >>