ألغاه، ويؤيده قوله في الرواية الثالثة من حديث البراء وألفًا وأربعمائة أو أكثر" واعتمد هذا الجمع النووي.
وأما البيهقي فمال إلى الترجيح، وقال إن رواية من قال ألف وأربعمائة أصح، ثم ساقه من طريق أبي الزبير ومن طريق أبي سفيان كلاهما عن جابر كذلك، ومن رواية معقل بن يسار وسلمة بن الأكوع، والبراء بن عازب. ومن طريق قتادة عن سعيد بن المسيب عن أبيه.
قلت: ومعظم هذه الطرق عند مسلم، ووقع عند ابن سعد في حديث معقل ابن يسار زهاء ألف وأربعمائة وهو ظاهر في عدم التحديد، وأما قول عبد الله بن أبي أوفى ألفًا وثلاثمائة فيمكن حمله على ما اطلع هو عليه واطلع غيره على زيادة ناس لم يطلع هو عليهم، والزيادة من الثقة مقبولة، ويمكن أن يقال: العدد الذي ذكره جملة من ابتدأ الخروج من المدينة والزائد تلاحقوا بهم بعد ذلك، أو العدد الذي ذكره هو عدد المقاتلة والزيادة عليها من الأتباع من الخدم والنساء والصبيان الذين لم يبلغوا الحلم.
وأما قول ابن إسحاق أنهم كانوا سبعمائة فلم يوافق عليه, لأنه قاله استنباطًا من قول جابر "نحرنا البدنة عن عشرة" وكانوا نحروا سبعين بدنة، وهذا لا يدل على أنهم لم ينحروا غير البدن، مع أن بعضهم لم يكن أحرم أصلًا، وفي حديث المسور ومروان أنهم خرجوا مع النبي ﷺ بضع عشرة مائة، فيجمع أيضًا بأن الذين بايعوا كانوا كما تقدم، وما زاد على ذلك كانوا غائبين عنها كمن توجه مع عثمان إلى مكة، على أن لفظ البضع يصدق على الخمس والأربع فلا تخالف.
وجزم موسى بن عقبة بأنهم كانوا ألفًا وستمائة، وفي حديث سلمة بن الأكوع عند ابن أبي شيبة ألفًا وسبعمائة، وحكى ابن سعد أنهم كانوا ألفًا وخمسمائة وخمسة وعشرين، وهذا إن ثبت تحرير بالغ، ثم وجدته موصولًا عن ابن عباس عند ابن مردويه، وفيه رد على ابن دحية حيث زعم أن سبب الاختلاف في عددهم أن الذي ذكر عددهم لم يقصد التحرير وإنما ذكره بالحدس والتخمين" (١).