حتى خرجنا إلى خيبر" أما ابن سعد فقال كانت غزوة ذي قرد في ربيع الأول سنة ست قبل الحديبية، وقيل في جمادى الأولى" وعن ابن إسحاق في شعبان منهما فإنه قال: "كانت بنو لحيان في شعبان سنة ست، فلما رجع النبي ﷺ إلى المدينة فلم يقم بها إلا ليالي حتى أغار عيينة بن حصن على لقاحه".
قال القرطبي شارح مسلم في الكلام على حديث سلمة بن الأكوع: لا يختلف أهل السير أن غزوة ذي قرد كانت قبل الحديبية، فيكون ما وقع في حديث سلمة ابن الأكوع من وهم بعض الرواة، قال: ويحتمل أن يجمع بأن يقال: يحتمل أن يكون النبي ﷺ كان أغزى سرية فيهم سلمة بن الأكوع إلى خيبر قبل فتحها، فأخبر سلمة عن نفسه، وعمن خرج معه يعني حيث قال: خرجنا إلى خيبر، قال ويؤيده أن ابن إسحاق ذكر أن النبي ﷺ أغزى إليها عبد الله بن رواحة قبل فتحها مرتين. انتهى.
قال الحافظ "وسياق الحديث يأبى هذا الجمع، فإن فيه بعد قوله وحين خرجنا إلى خيبر مع رسول الله ﷺ، فجعل عامر يرتجز بالقول، وفيه قول النبي ﷺ مَنْ السائق؟)، وفيه مبارزة علي لمرحب، وقتل عامر، وغير ذلك مما وقع في غزوة خيبر حين خرج إليها النبي ﷺ، فعلى هذا ما في الصحيح من التاريخ لغزوة ذي قرد أصح مما ذكره أهل السير، ويحتمل في طريق الجمع أن تكون إغارة عيينة بن حصن على اللقاح وقعت مرتين الأولى التي ذكرها ابن إسحاق، وهي قبل الحديبية، والثانية بعد الحديبية قبل الخروج إلى خيبر، وكان رأس الذين أغاروا عبد الرحمن بن عيينة كما في سياق سلمة عند مسلم.
ويؤيده أن الحاكم ذكر في (الإكليل) أن الخروج إلى ذي قرد تكرر، ففي الأولى خرج إليها زيد بن حارثة قبل أحد، وفي الثانية خرج إليها النبي ﷺ في ربيع الآخر سنة خمس، والثالثة هذه المختلف فيها. انتهى. فإذا ثبت هذا قوي هذا الجمع الذي ذكرته، والله أعلم" (١).