للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وهم المشركون (١). فاستغفر رسول الله لمن رقي هذا الجبل الليلة، كأنه طليعة للنبي وأصحابه. قال سلمة: فرقيت تلك الليلة مرتين أو ثلاثًا. ثم قدمنا المدينة، فبعث رسول الله بظهره (٢) مع رباح غلام رسول الله وأنا معه، وخرجت معه بفرس طلحة، أنديه (٣) مع الظهر، فلما أصبحنا إذا عبد الرحمن الفزاري قد أغار على ظهر رسول الله ، فاستاقه أجمع، وقتل راعيه، قال: فقلت: يا رباح خذ هذا الفرس، فأبلغه طلحة بن عبيد الله، وأخبر رسول الله أن المشركين قد أغاروا على سرحه. قال: ثم قمت على أكمة فاستقبلت المدينة، فناديت ثلاثًا: يا صباحاه، ثم خرجت في آثار القوم أرميهم بالنبل. وأرتجز. أقول:

أنا ابن الأكوع .... واليوم يوم الرضع

فألحق رجلًا منهم. فأصك سهمًا في رحله، حتى خلص نصل السهم إلى كتفه، قال: قلت:

خذها وأنا ابن الأكوع … واليوم يوم الرضع

قال: فوالله! ما زلت أرميهم وأعقر بهم" (٤) فهذا رجع إلى فارس أتيت شجرة، فجلست في أصلها ثم رميته، فعقرت به. حتى إذا تضايق الجبل، فدخلوا في تضايقه (٥)، علوت الجبل، فجعلت أرديهم بالحجارة (٦). قال: فما زلت كذلك أتبعهم حتى ما خلق الله من بعير من ظهر رسول الله إلا خلفته وراء ظهري، وخلوا بيني وبينه، ثم أتبعتهم أرميهم، حتى ألقوا أكثر من ثلاثين بردة، وثلاثين رمحًا، يستخفون (٧) ولا يطرحون شيئًا إلا جعلت عليه آرامًا من


(١) وهم المشركون: همّ أمر المشركين النبي خوف أن يبيتوهم ويغيروا عليهم لقربهم منهم.
(٢) ظهره: الظهر الإبل تعد للركوب وحمل الأثقال.
(٣) أنديه: معناه أن يورد الماشية الماء فتسقي قليلًا ثم ترسل إلى المرعى، ثم ترد الماء فترد قليلًا ثم ترد إلى المرعى.
(٤) أعقر بهم: أقتل رواحلهم.
(٥) دخلوا في تضايقه: التضايق ضد الاتساع أي دخلوا في تضايقه أي المحل المتضايق منه بحيث استتروا به عنه فصار لا بيلغهم ما يرميهم به من السهام.
(٦) أرديهم بالحجارة: أسقطهم عن رواحلهم بضربهم بالحجارة من أعلى الجبل.
(٧) يستخفون: يطلبون الخفة.

<<  <   >  >>