للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ينجفل (١)، فأتيته فدعمته، فرفع رأسه.

فقال: (من هذا؟) قلت: أبو قتادة، قال: (متى كان هذا مسيرك مني؟) قلت: ما زال هذا مسيري منذ الليلة. قال: (حفظك الله بما حفظت به نبيه) ثم قال: (هل ترانا نخفى على الناس؟) ثم قال: (هل ترى من أحد؟) قلت: هذا راكب ثم قلت: هذا راكب آخر. حتى اجتمعنا فكنا سبعة ركب.

قال: فمال رسول الله عن الطريق. فوضع رأسه. ثم قال: (احفظوا علينا صلاتنا)، فكان أول من استيقظ رسول الله ، والشمس في ظهره، قال: فقمنا فزعين. ثم قال: (اركبوا) فركبنا. فسرنا حتى إذا ارتفعت الشمس نزل. ثم دعا بميضأة (٢) كانت معي فيها شيء من ماء. قال فتوضأ منها وضوءًا دون وضوء (٣). قال وبقي فيها شيء من ماء. ثم قال لأبي قتادة: (احفظ علينا ميضأتك. فسيكون لها نبأ) ثم أذن بلال بالصلاة. فصلى رسول الله- ركعتين. ثم صلى الغداة فصنع كما كان يصنع كل يوم. قال وركب رسول الله وركبنا معه.

قال فجعل بعضنا يهمس إلى بعض (٤): ما كفارة ما صنعنا بتفريطنا في صلاتنا؟ ثم قال: (ما لكم فيَّ أسوة (٥)؟) ثم قال: (أما أنه ليس في النوم تفريط (٦)، إنما التفريط على من لم يصل حتى يجيء وقت الصلاة الأخرى، فمن فعل ذلك فليصلها حين ينتبه لها، فإذا كان من الغد فليصلها عند وقتها) ثم قال: (ما ترون الناس صنعوا؟) قال: ثم قال: (أصبح الناس فقدوا نبيهم، فقال أبو بكر وعمر: رسول الله بعدكم، لم يكن ليخلفكم، وقال الناس: إن رسول الله بين أيديكم، فإن يطيعوا أبا بكر وعمر يرشدوا).

قال: فانتهينا إلى الناس حين امتد النهار، وحمي كل شيء، وهم يقولون:


(١) ينجفل: يسقط.
(٢) الميضأة: الإناء الذي يتوضأ به كالركوة.
(٣) وضوء دون وضوء: وضوءًا خفيفًا.
(٤) يهمس إلى بعض: يكلمه بصوت خفي.
(٥) أسوة: قدوة.
(٦) ليس في النوم تفريط: أي تقصير لانعدام الاختيار من النائم.

<<  <   >  >>